آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:00 م

العزلة في الحب والكراهية 1/2

كاظم الشبيب

من العقبات المربكة في طريق الحب والكراهية علاقتنا بذواتنا التي تجعل ”الأنا“ الفردية لا محدودة، أو ”أنانا“ الجماعية طاغية. تلك ”الأنا“ المتعجرفة، المتغطرسة، المتكبرة، التي تعاني من تضخم النفس، أو المصابة بنرجسية الذات. أصحاب هذه ”الأنا“ إن كانوا أفرادا سوف يصيب أذاهم من يحبهم ويحبونه. وإذا أصحاب هذه ”الأنا“ جماعة أو أهل هوية فسوف يصيب أذاهم الجماعات الأخرى وأهل الهويات المغايرة عنهم. هناك أسباب كثيرة لوصول الشخص أو الجماعة لهذه الحالة، منها العزلة ووضع الفرد لنفسه، أو الجماعة لنفسها مسافة تفصلهم عن الآخرين.

فيعمل الفرد على عزل نفسه لما يرى في نفسه، واقعا أو وهما، من إمكانية وقوة وتفرد وتميز، فيستتبع ذلك وضع مسافة تعزله عن الناس، بل حتى عن محبيه، وبالتالي تنبني علاقته بالجميع وفق نفسيته المريضة هذه، فيتخلل تلك العلاقات صورا مربكة للحب قد تتحول إلى صور من الكراهية. كذلك حال أصحاب الهويات، فهم يعملون على عزل أنفسهم بقصد أو دون قصد، بحكم المشتركات القائمة بين أفراد الهوية، يعملون على إدامة التواصل مع بعضهم، التزاوج بينهم، وبالتدريج يصبحون منعزلين عن الهويات الأخرى. لهم مناسباتهم، احتفالاتهم وعاداتهم وتقاليدهم، بالتالي لهم ثقافتهم المشتركة والمنعزلة عن أهل الهويات الذين يشتركون معهم في الأرض والهواء والسماء والأرض.

لذا، لو عملت كل هوية على عزل نفسها، ضمن مساحة جغرافية - قرية، مدينة، محافظة، ولاية، دولة - إنها بذلك، ومع مرور الزمن، تصنع بينها وبين كل الهويات الأخرى وأهلها مسافة فاصلة، تكون بمثابة الحاجز بينها وبين المختلفين معها. والحال أنه كلما اتسعت المسافة بين أي هويتين ازدادت احتمالات ورود سوء الفهم بينهما، أو عدم التفهم لبعضهما، أو عدم التقدير لبعضهما، وبالتالي تكون الأبواب مشرعة لمفاعيل الكراهية بينهما. بيد أن تقارب المسافات بين الناس تجعلهم أقرب للحب والمحبة بينهم. وللمقال تكملة في الأسبوع القادم.

في المقطع المرفق لفتة مفيدة من زاوية مختلفة للموضوع بعنوان ”العزلة النفسية“: