آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 10:22 م

الحسين على خطى جده...

عبد الرزاق الكوي

أعطى الرسول ﷺ جل وقته من أجل انقاد البشرية من الضلال وقام بنشر الدين على أكمل وجه، وقدم في سبيل ذلك كل طاقاته ولاقى كثيرا من المعاناة والمشاق في سبيل إعلاء كلمة الله تعالى، ومع هذا العمل المشرف والدؤوب عمل على أن يكون له امتداد يواصل المسيرة ويحافظ على الزرع الذي بدأ ينمو حتى تجني الإنسانية ثمرات هذا العطاء الذي لم يخرج إلا بتضحيات وعطاء أهل البيت عليهم جميعا السلام، فقد كانت علاقة النبي ﷺ مع أهل بيته ليست فقط صلة رحم وقرابة وحب أسري، بل أهتم بهم الرسول ﷺ كواجب شرعي، بل أمرا ربانيا لن تكتمل الرسالة إلا عن طريقهم، ولهذا أعطى الرسول ﷺ مساحة واسعة ووقتا مهما لهذا البيت الشريف، لصيانة الدين وحماية المجتمع من الانحراف وليكونوا رسلا خير ومثال يقتدى على مر السنين.

الإمام الحسين سبط الرسول صلى الله عليه وإله، وواحد من أهل الكساء سيد شباب أهل الجنة، الأب علي إمام المتقين والأم فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، فضلهم يعم العالمين، لم يخلق في عظمتهم أحد بعد رسول الله ﷺ من الأولين والآخرين، كان الإمام الحسين محط رعاية النبي صلى الله عليه وإله منذ ولادته الشريفة، كان ينال القسط الأوفر من الاهتمام، خبر المسلمين عن مكانته في مواطن كثيرة ليلقي الحجة وتعرف المكانة يلفت نظر الأمة بالدور الذي سوف يقوم به، كامتداد ومبلغ للرسالة بعد حين كما هو مخطط له من السماء، أن يكون فداء للرسالة من أجل بقائها خالدة، بهذا الدور أصبح له موقعا مميزا في تاريخ الإنسانية عن باقي أئمة أهل البيت ، فوحدة الهدف أبرز المصاديق بين الجد ﷺ والسبط في تحقيق مصلحة الإسلام العليا.

فالتاريخ خير شاهد وما تتناقله الروايات على جزيل العطاء والمعاناة في هذا الطريق المشترك، حتى يصل الأمر أن «أن الإسلام محمدي الوجود حسيني البقاء»، فالأحاديث الكثيرة التي توثق الارتباط بين النبي ﷺ وأهل بيته والمشتركات بينهم ما هي إلا لكمال الدين وإتمام نعمة الإسلام، حالة عظيمة من الاندماج والذوبان وتداخل العمل في حمل الرسالة وانقاد العالم من براثن الجاهلية، فقال ﷺ: حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا، حسين سبط من الأسباط

تمازج بين الذاتين الذات المصطفوية والذات الحسينية.

قال الإمام الحسين : «وأني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي ﷺ أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب».

فالحسين شبيه جده وشريكه في استمرار وهج الرسالة وبقائها، تجسيدا مثاليا صادقا في شخصيته ومواقفه المصيرية في حماية الدين، واستمرار النهج المحمدي الأصيل والصادق في وجه الانحراف والظلم والفساد المستشري في الأمة بعد وفاة الرسول ﷺ وخطر القضاء على الإسلام من قبل زمرة المنافقين اللذين يتربصون بالدين وعودة عبادة الأوثان.

فالدماء الزكية التي سالت على أرض كربلاء المقدسة هي من ثبتت الدين في قلوب المخلصين من أمة النبي ﷺ وليكون الإمام الحسين النموذج الحي على امتداد الأيام رمزا للعطاء يستمد من شخصيته المباركة معاني الوفاء والتضحية لتكون أمة جدة خير أمة أخرجت للناس، ليبقى مشروع الرسول ﷺ وخطه باقيا كمشروع للسلام والمحبة والتآخي ليعم العالم بركات هذا المشروع المبارك، بهذه المثل ليس قليلا أن يكون الإمام الحسين وارثا للأنبياء ، مما يجعله محط تقدير ومحبة وتعظيم ومحط أنظار مختلف اتباع الأديان.