في بساتين القطيف.. نضجَ السدر وطلّع النخل وأزهرَ التوتُ والليمون!
انتهى فصلُ الشتاءِ أو كاد، وفي بساتين القطيف يكاد ينتهي موسم ثمار السدر، الفاكهة الشهيّة التي لها من الأصدقاء والمحبين من النساء أكثر من الرجال. في هذه الأيام إذا مررت قريبًا من بساتين القطيف يستوقفك الطلع المشرف من أعالي أنثياتِ وذكور النخل؛ رائحة الذكورة ونبات الفحل اللازم للتّأبير أو التلقيح. تلتفت يمينًا وشمالًا لكي لا يفوتك لونٌ أبيض في أشجار الليمون، ليس بياضًا إنما هو أزهار الليمون التي سوف تكتمل ثمارها في فصل الصيف أو بعده بقليل!
وبين صفوف الأشجار، انتبه! لا تطأ قدماك ثمار الطماطم الذي لا يختلف لونه كثيرًا عن ألوان خدود الصبايا المتوردة، حمرةً وصفرة وسمرةً! وغير ذلك من شتى أصناف الخضروات. أما لو كانت ملوحة الماء أقلّ مما هي عليه لكنا نتحدث عن كل أصناف الفاكهة والخضروات في بساتين القطيف.
أرض فيها خير، جو معقول وطقس معتدل إلّا في أشهر الصيف، وناس طيبون! هذه العلامة التجارية لمن أراد أن يزور القطيف ويتعرف عليها وعلى تاريخها القديم والحديث. تاريخها من تاريخ النخل والبحر، لا أدري كم سنة أو قرن، فذلك لا يهم كثيرًا إذا قيس التاريخ بآلاف السنين! هذه هي القطيف جوهرة على ضفاف الخليج! رِجل في الحاضر والمستقبل وأخرى في التاريخ والتراث! لا تكاد تزور بلدة إلا وتجد فيها متحفًا أو معلمًا يخلد بعضًا من ذكريات تاريخها القديم وحاضرها ومستقبلها، وفي النهاية تبقى أنشودة تنشدها وتغنيهَا الليالي والأيام.
أنصح وأرغّب في زيارة القطيف أكثر من القراءة عنها، فما راءٍ كمن سمعا! مهما ترتدي الألفاظُ من حلاوة الوصف والمبالغة، ليس إلا الزيارة والتعرف على البلدان والمناطق والثقافات عن قرب ليعرف المرء بنفسه! غير ذلك يبقى حبرًا على ورق! وأجزم أن القطيف مقبلة على تغييرات جيدة في معالمها وطرقها ومنافذها؛ حركة إعمارية جادة ومستمرة في جميع مناطقها!
بعض القراء قد يقول: واحد من أهل القطيف يتكلم عنها بإعجاب! نعم، إن الأرض التي حرثها الأجداد وزرعها الآباء وسكنها الأبناء لهي جديرة بالإعجاب! ومن وصايا الإمام علي : ”عمرت البلدانُ بحبّ الأوطان“. وقوله الآخر: ”من كرم المرء بكاؤه على ما مضى من زمانه، وحنينه إلى أوطانه، وحفظه قديمَ إخوانه“.