آخر تحديث: 27 / 12 / 2024م - 8:30 م

حينما لا تفكر مثلهم

علي العبد العال *

حينما لا تفكر مثلهم

ثمة أشخاص عديدون يضعون أنفسهم داخل قفص ضيق من خلاله ينظرون للأفكار خارج هذا القفص برفض قاطع، لأنهم اتخذوا هذا القفص هو النموذج الحقيقي للتعامل مع الأفكار. مع الأسف مجموعة كبيرة تتعامل مع الأفكار الخارجة عن تصوراتها الذهنية أو غير المألوفة لديها بطريقة مخجلة، ربما بسبب أن هذه الأفكار لم يعتد عليها في البيئة التي نشأ فيها أو غيرها من الأسباب الأخرى. وهذا النمط من التفكير نراه عند كثير من التوجهات، بل ربما نرى شعارات هذه التوجهات تُمثل الضد من تعاملاتها مع الأفكار الأُخرى، لكنها تظل شعارات كمحاولة لجذب مجموعة كبيرة لصالحهم. وهذا يحصل في كثير من الأحيان أن تكون الشعارات حجابا على التوجه الأُحادي.

كمْ من الأشخاص يُنادون بالتعددية والحرية والتسامح وحق النقد، لكن تراهم خلاف ذلك، وكأنهم يحاولون فرض قناعاتهم على الآخر، أو يكون موضع ما ينادون به هو حجة أو تبرير لبعض الممارسات الموافقة لهم أو المعارضة لمن يخالفونهم. وهذه المحاولات ما هي إلا محاولة لفرض صحة ما يؤمنون به، والمخالف لما يؤمنون به يُعارضونه أو يضيقون عليه. لا يمكن أن تكون الحرية الفكرية مُشرعة لجهةٍ ما على الأُخرى، بل ينبغي أن تكون حق الجميع. كل توجه عليه أن يبرز أفكاره وأن لا يرتاب كلٌّ من الآخر، وأن لا يغيب النقد وسط المجال الفكري، وعلينا أن نتقبل بأن لكل منهما له مبرراته.

مشكلة البعض يملك عقدة نفسية تجاه الأفكار الأخرى، بمعنى لا يريد أن تكون الأفكار الأخرى متداولة في الوسط الاجتماعي. والأفكار التي يتبناها ينبغي أن تكون السائدة على حساب الأفكار الأخرى. كل من لديه قناعة فكرية له الحق فيما يقتنع به، لكن ليس من حقه أن يفرض على الآخرين قناعاته. إعطاء مساحة للآخرين بأن يبرزوا أفكارهم بكل حرية هو الطريق الأصوب، أما إقصاء الأخرى ما هو إلا جهل وتخلف. تعميم التفكير الناقد وسط المجتمع ليكون حالة فعالة للجميع بحيث كلٌّ يعبر عن رأيه بشكل أخلاقي ضرورة وحاجة لأي مجتمع، ومن حق أي فرد يوافق أو يخالف، وهذه الطريقة سليمة وصحية للجميع. وعلينا أن نُكرسها لا أن نعيش الصراع مع الآخرين.