آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 9:08 م

الحب بين أهل الهويات

كاظم الشبيب

ينبع حب الهويات وأهلها من المحبة الفطرية الطبيعية التي أوجدها الخالق في وجدان الإنسان والمخلوقات. هو حب وجداني منبعه محبة الإنسان للناس الذين يتشابهون معه جسدياً بالتطابق الكلي في عناصره وتركيبه ووظائفه. يتشابهون معه في جميع مكوناته كعقل ونفس وروح وعواطف. هذا التشابه مدعاة ميل الإنسان لأشباهه، لا نفوره منهم. فإن حدوث النفور نتيجة لا مقدمة للعلاقة بين الفرد والأخرين. الأصل الميل للتحاب بين البشر، وإنما يقع التنافر لأسباب أخرى. 

حب الهويات وأهلها مصدره مجمل مشاعر الحب التي عجز الواصفون عن وصفها، وإن حاول بعض المجربين وهاموا في ذلك كثيراً كالمتصوفة والعاشقين على مر الأزمان. ولكن قد عجز القول عن الإحاطة بحقيقة المحبة. والكل متفقون، من صوفية وغيرهم، على أن المحبة لا يحدها حد، فلا اللفظ يتسع لمعناها، ولا التصور بقادر على الفوز بحقيقتها. وتفسير ذلك، من وجهة النظر الصوفية، أن المحبة حال. والحال لا يُدرك بالحد والدليل، بل بالذوق، كما رأى ابن عربي. فالعلم به يشبه العلم بحلاوة العسل ومرارة الصبر ولذة الجماع[1] . 

بقدر وضوح معنى الحب حيث يستشعره الفرد ويعيشه الناس، إلا أنه بذات القدر هو مما يصعب وصفه وشرحه، لأنه خليط كيميائي عجيب. هو سحر لطيف لا يمكن نكرانه. هو طيف ناعم لا يمكن الإمساك به. هو أحياناً تداخل مجموعة أحاسيس في لحظة واحدة. أو هو كما يقال: ليس مجرد إحساس، الحب مزيج من الانفعالات: فحينما نقول ”حب“ فإننا نقول إعجاباً، كبرياء، قلقاً، غضباً، عتاباً، شوقاً، رقة، قسوة، شكاً، وطيبة. هذا ما يجعل من الحب أثمن المشاعر، وأهم المواضيع، وأسمى رهان. [2] 

في المقطع المرفق رؤية مكملة للموضوع بعنوان: لا تخسر حب الإنسان الذي أمامك: 

 

[1]  الحب والفناء ص 95
[2]  فرويد ضد دافنشي ص 73