إزالة المظلات
قبل عامين مضيا أي في سنة 2021، قامت بلدية القطيف بحملة لإزالة مظلات السيارات من امام البيوت بحجة أنها إحدى مسببات التشوه البصري، ودون إشعار اصحاب المظلات بقرار إزالتها. وكان الامر مفاجئا للمواطنين فالإزالة لا تستثني أحدا، ولا تفرق بين مظلة جديدة أو قديمة، كما لم يكن للنوعية أو اللون أي تأثير. فالقرار ينص على أن المظلات تسبب تشوها بصريا ويجب ازالتها. وقتئذ كان المجلس البلدي يقضي سنته الأخيرة في دورته التي لم تمدد.
حينها قام بعض المواطنين بالاتصال بأعضاء من المجلس البلدي وبالذات بالمرحوم المهندس عباس الشماسي طالبين تدخل المجلس مع البلدية لتعيد النظر في هذا القرار. وقد تجاوبت إدارة البلدية مع هذا المطلب، وتوقفت عن حملتها، فتنفس المواطنون الصعداء، خاصة أن هناك من صرف على مظلته آلاف الريالات باختياره مواد عالية الجودة والوانها منسجمة مع الأجواء المناخية.
لقد كانت وجهة نظر هؤلاء المواطنين أن الاوضاع تغيرت بعد أن سُمح للمرأة بالسياقة، وصارت الاسرة الواحدة تملك أكثر من سيارة، فلم يعد هناك متسع في مرآب «كراج» المنزل - الذي بني من قبل - للسيارات الجديدة. وبحكم ظروفنا المناخية القاسية فالحاجة لموقف مظلل تركن فيه السيارة/ ت نابعة من هذه الظروف، للتقليل من تأثير اشعة الشمس على حرارة هيكل السيارة؛ وبالتالي تقليل استهلاك الوقود حين تشغيل مكيف السيارة الذي سيحتاج وقت أطول لتبريد السيارة.
ونحن نعلم أن الفوائد البيئية من وراء ذلك لا حصر لها. ولا أحد يشك ان البلدية ليست جاهلة بها.
ولكن يبدو في هذه الايام أن إدارة البلدية غيرت رأيها، وقررت بعث الروح في حملتها القديمة خاصة انه لم يعد هناك مجلس بلدي يمكنه أن يتحاور معها، وينقل اليها مطالب أو هموم المواطنين.
إن القرار بإزالة المظلات من امام البيوت يمكن ان يكون مقبولا، حينما يكون هناك تعدي على الشارع العام، أو تسبب في عرقلة مرورية، أما لأنها فقط تسبب تشوها بصريا، فهذا لا يتعارض فقط مع مصلحة المواطنين الذين بنوا امام منازلهم مظلات لم تأخد من مساحة الطريق أي شبر، وانما أيضا تتعارض مع المصلحة العامة للأسباب المتصلة بتقليل تعرض السيارات لأشعة الشمس الحارقة في صيفنا الطويل.
إن الفارق بين الحملة القديمة والحالية هو أن البلدية وضعت ملصقا كإشعار لصاحب المظلة ليزيلها في فترة قصيرة «يوم واحد» من تاريخ الملصق، والا ستقوم البلدية بإزالتها وتغريمه تكلفة الإزالة!! الا يبدو هذا القرار متسرعا ومتعبا للمواطن في نفس الوقت؟
إن حجة البلدية بأن هذه المظلات تشكل تشوها بصريا في المدينة، قد تكون مقنعة ومقبولة لو أن البلدية وضعت نموذجا ومقاييس محددة يلتزم بها من يريد ان يشيد مظلة بجوار بيته تظلل على سيارته التي يركنها في نفس المكان سوى كان هناك مظلة أو دون مظلة، وأنها ستزيل فقط ما هو مخالف لما وضعته وقررته من مقاييس ومواصفات،
اما مطالبة الناس بإزالة ما بنوه؛ لأنه يسبب تشوها بصريا، فهذا سيتسبب في ضرر المواطن لا مصلحته، ولو أن البلدية تريد أن تجعل المحافظة أكثر جمالا ودون مشوهات بصرية، فهناك غير المظلات يمكنها أن تركز عليها وتحقق من وراءها تحسينات جمة في المنظر العام للمدينة دون اعباء مالية على المواطن.
إن وضع ملصق على المظلة للأشعار بإزالتها لإعطاء المواطن وقتا كي يقوم هو بتفكيكها قبل أن تأتي البلدية، وتزيلها كبناء مخالف، فهذا لن يقلل من خسارة المواطن، الذي ليس لديه مكان آخر يمكنه أن ينصب فيه المظلة، فلو كان لديه مكانا لمرآب آخر لما وضع هذه المظلة امام بيته، أما بيعها كخردة فذاك لا يمكن ان يعوضه عما صرفه من مال.
إن البلديات تعوض المواطنين الذين تنزع ملكية عقاراتهم للمصلحة العامة فهل ستطبق نفس المبدأ على المظلات، وتعوض اصحابها عن تكلفتها، كي يكون هناك انصاف للمواطن الذي اقام مظلته في وقت لم يكن هناك ما يمنع ذلك.؟؟
مؤخرا تم اقرار كود البناء السعودي، الذي أصبح ملزما لكل من يبني عقارا، ولكن هذا الالزام لا يطلب من اصحاب العقارات المبنية قبل اقراره، أن يزيلوا ما بنوه؛ لأنها لا تتوافق مع كود البناء الحالي. فلماذا تطالب البلدية بإزالة ما كان مسموحا به من قبل، تحت حجة يمكن ان يختلف عليها اثنان؟ فمقاييس الناس واذواقهم ليست واحدة وما يراه زيد، ويستحسنه ليس بالضرورة يتفق مع رؤية ومذاق عمرو. وهل إدارة البلديات هي فقط من يملك الرؤية حول موضوع يخص الذوق العام، وليس له علاقة بالسلامة أو النظافة العامة؟
نحن الان مقبلون على فصل الصيف الحار، وازالة هذه المظلات ستزيد من معاناة اصحابها، ولا اتصور أن مسؤولي البلدية يرغبون في ذلك.
لذا المرجو من إدارة بلدية القطيف أن تتوقف عن حملتها الجديدة، وتضع عوضا عن ذلك شروطا ومقاييس واضحة ومعروفة لدى الجميع كي يكون هناك انسجام بين ما ترغب البلدية فيه وبين ما يبنيه المواطن من مظلات تحمي سياراته من التلف والأذى. فعل الأقل سيكون لدى الجميع تعريفا واضحا للتشوه البصري في هذا المجال بالذات. وهذا يفترض أن يكون ملزما لمن يريد ان يضع امام بيته مظلة من الآن فصاعدا.