آخر تحديث: 23 / 4 / 2024م - 9:39 م

ذكريات صباحية

عبد الباري الدخيل *

تقف فاطمة في المطبخ تعد الإفطار لولدها، وبين دقيقة وأخرى تنظر للساعة خوف أن يتأخر، فتفوته الحصة الأولى.

تضع قطع الطماطم في المقلاة ثم تتبعه بالبيض وتقلبه وهي تتقلب على نار القلق، تضع الملح والبهار، ثم ترفعه عن النار، وتذهب تقف وسط سلم البيت تنادي ابنها: ”هااااادي بسرعة يا حبيبي لا تتأخر“.

وتعود للمطبخ تعد الشطائر، ثم تجلس تنتظره.

تبتسم وهي تتذكر فطورها عندما كانت في عمره.

- كانت أمي تحرص على أن نأكل قبل خروجنا، مرة قالت: ”البطن الخالي ينسحر“.

كان فطورنا خبز عربي أو «شريك» وحليب ساخن «مفوّر»، وإذا تكرمت علينا الدجاجة أكلنا البيض المسلوق أو المقلي، وبعد أن عمل أخي الأكبر عبدالكريم في شركة أرامكو صرنا نأكل الخبز مدهونًا بالجبن، ومن ألذ الوجبات إذا صنعت لنا أمي الخبز المطبوخ؛ وهو عبارة عن خبز عربي يقطّع ثم يرش عليه السكر والدهن ويقلّب على النار قليلًا.

وإذا دخل الشتاء تتزين المائدة بصحن بلاليط يتربع على قمته قرص بيض مقلي، أو عصيدة تسبح في الدهن.

ويوم عيدي أن تجتمع العائلة في يوم الإجازة فتحضر زوجات أعمامي أطباقهن، وتجتمع الأطباق اللذيذة والأرواح الطيبة.

كان يومنا يبدأ قبل أن نذهب لفراش النوم، نبدأه بمراجعة الدروس وتجهيز حقيبة المدرسة، و«المريول» والشريطة البيضاء، ثم الاستحمام.

في إحدى الليالي الشتوية نمت قبل أن أستحم؛ لكن أمي لم تقبل فحملتني ووضعتني في الحمام وفتحت الماء وكان باردًا فصرختُ، هناك أخذتني أمي في حضنها واكتفت ببل يدها ومسح بعض جسمي.

وفي الصباح نتقاتل على الحمّام، يا الله - همست - كنا ثلاث بنات وأربعة أولاد، وكنت أصغرهم، وكان الطابور طويلًا.

ابتسمتْ وهي تتذكر موسى وأنه أكثر الأولاد مكوثًا في الحمام، حتى اتهم بأنه ينام هناك.

حمدت ربها وهي تسمع صوت هادي يحييها: صباح الخير ماما.