آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 4:24 م

المراهقة... الأفكار... التحكم

المهندس أمير الصالح *

هل أفكارنا تسيطر على وتتحكم في تحركاتنا وتصرفاتنا أم أننا نحن نتحكم في أفكارنا وعواطفنا من خلال سلوكنا؟

قد يقول قائل إنه مزيج من الاثنين. يمكن أن تؤثر أفكارنا وتتأثر بسلوكنا وعواطفنا وبيئتنا. من ناحية. يمكن لأفكارنا أن تتحكم فينا من خلال تشكيل عواطفنا ومواقفنا ومعتقداتنا. مثال ذلك، إذا كان لدى شخص ما نمط تفكير سلبي، كقوله لنفسه ”أنا لست جيدًا بما يكفي“، فقد يؤدي ذلك إلى الشعور بتدني احترام الذات داخله ويؤثر على سلوكه بطرق سلبية. من ناحية أخرى، يمكننا أيضًا التحكم في أفكارنا من خلال الجهد المتعمد والفلترة والذكاء النقدي والمعالجة والإيعاز الإيجابي. من خلال الاهتمام بأفكارنا، والتعرف على الأنماط، وتحدي الأفكار السلبية. يمكننا تغيير أنماط تفكيرنا وتحسين صحتنا النفسية والعقلية. كقول شخص لنفسه: ”ليس مطلوبا من كل الناس أن يحبوني وان بادرتهم بالمحبة“.

من المهم أن نفهم أن أفكارنا ليست بالضرورة انعكاسًا حَقِيقِيًّا للواقع، بل هي انعكاس تفسيرنا نحن للواقع. من خلال إدراكنا لأفكارنا والعمل بنشاط جاد على تغييرها، يمكننا التحكم بشكل أكبر في أفكارنا وكيفية تأثيرها على حياتنا وسلوكنا وردود أفعالنا حتى وإن تسللت لنا بعض الأفكار في خلسة من الوقت.

وقد يقول قائل ثان: نحن أفكارنا وأفكارنا نحن.

وقد يجيب ثالث: أفكارنا غير مرئية ولكن سلوكنا مرئي لدى الناس. والإنسان يراقب سلوكه حيثما يذهب لأنه سيُعاقب أو يُثاب بناء على ما يصدر منا وليس بما نعتقد به من أفكار.

قد يكون لعلماء النفس قول راجح، ولعلماء الفلسفة قول ثان أرجح، ولعلماء البيولوجيا قول ثالث، وللتربويين قول رابع، ولكل شخص منا رد وأخذ في ذات الطرح، إلا أن السؤال المُلح في زمننا هذا: كيف نساعد المُراهق وطري التفكير ان يسيطر على أفكاره وسلوكه وعواطفه إذا لم تكن لديه أدوات عقلية ناضجة وتفكير منطقي سلس وواضح؟

كمربين أو آباء أو أمهات نربي أبناءنا ونعلمهم بعض الحقائق السلوكية المقبولة عرفا وشرعا وقانونا واجتماعيا. وقد يستوعب الشاب المراهق والفتاة المراهقة من واقع الملاحظة أو القصص الواقعية أو التجارب الذاتية تبعات ونتائج تصرفاتهم التي صدرت من واقع أفكارهم الهشة. فإن صادف وتم قبول ما صدر منهم في المجتمع الذين ربوا فيه فإن إيمانهم بتلك الفكرة يزداد تكلسا ورسوخا. وإن تم رفض ذاك السلوك من قبل المحيط الاجتماعي سواء في البيت أو المدرسة أو السوق، فالأغلب الأعم، يبدأ المراهق في مراجعة سلوكه ويمحص أفكاره في ذلك الموضوع. إذا تساهم البيئة الأسرية والمدرسية والوطنية كحاضنة في تشكل أفكار أو سلوك المراهق وطري العود. وفي حالة تغذية المراهق المنعزل عقله بأفكار مصادرها من السوشيال ميديا أو اليوتيوب أو أفلام هوليوود أو التكتل أو صديق السوء أو البيئة الفاسدة ولم يوجهه أحد من والديه الصالحين أو مدرسيه الأوفياء أو أصدقاء الخير أو الجيران الطيبين، فإن تلكم الأفكار تتكلس وتترسخ في عقل المراهق ويتصرف بناء عليها. وقد يستمر المراهق العنيد أو الانطوائي على السلوكيات الخاطئة حتى وقوع مشاكل قانونية أو جنائية.

اتضح لنا من هذا الطرح السريع بأن كسر الصمت وتفعيل نموذج الحوار المحترم وتنشيط زيارات الترابط الأسري والاهتمام ب النشاط المدرسي الجماعي وتجذير الاندماج الوطني أهمية قصوى في بناء هوية وأفكار وسلوك وقوالب عواطف المراهق وتحكمه في تصرفاته. وعليه لا بد من تحفيز اللقاءات الهادفة والعفوية بين الأبناء المراهقين من جهة والأجداد والآباء والأمهات والجدات والأعمام والأخوال والجيران والمدرسين التربويين والفضلاء والموجهين والمرشدين وعلماء الدين لتتم عملية إنضاج حسن انتقاء الأفكار الصالحة من السيئة لدى المراهقين.