آخر تحديث: 16 / 4 / 2024م - 2:09 م

ادعاء الحب والكراهية

كاظم الشبيب

من السهل أن يدعي أحدنا الحب، ولكن ليس من اليسير تقديم ما يثبت ذلك. وبإمكان أحدنا ادعاء الكراهية، ولكن قد لا يتاح لكل أحد إثبات ذلك. وفي دنيا الإنترنت تكثر الادعاءات والادعاءات المضادة. تكثر الشعارات الكاذبة، وتختلط بالادعاءات الصادقة، فتطغى الأولى على الثانية. كثرة الادعاءات الكاذبة، في الحب والكراهية، يحولها إلى مظللات تحول بين المرء وفهم حقيقة الآخرين أو إدراك حقائق ما يدور حوله. فما أكثر ما تدعيه بعض الدول الغربية بحمل شعارات دعم حقوق الإنسان ونشر الديمقراطية بينما الواقع المرير لتجارب ذات الدول في دعم محاربة بعض الهويات وأهلها جلي وواضح.

ادعاء الحب بين الأفراد توهماً هو شبيه بادعاء حب الهويات وأهلها كذباً. من يدعي أنه يحب الإنسانية عليه اثبات ذلك، لا سيما تجاه من يختلفون عن هويته. لا يمكن ادعاء حب الإنسانية من شخص لم يجرب مخالطة المختلفين معه في الهوية، بل سوف يكتشف حجم هشاشة ادعاء الديمقراطية، بل ربما يتحول ذاك الحب المدعى إلى كراهية. مخالطة المختلفين هو الامتحان الحقيقي للحب والكراهية عند الفرد والجماعة. لذا يقال بأن الحب - كما يراه المفكر الفرنسي آلان باديو - يأخذنا إلى مناطق رئيسة من خبرة ما الاختلاف؟ ويقودنا أساساً إلى فكرة أننا نستطيع أن نجرب العالم من منظور الاختلاف [1] .

الفارق كبير جداً بين ما يمكننا أن ندعيه توهماً وكذباً كشعارات وبيانات وبين المصداقية التي تؤيد ما يذهب إليه المدعون، بخاصة عندما تكون ممارسات المدعين خادعة ومظللة. وأبسط الطرق لكشف حقيقة الادعاءات الواهمة والكاذبة هو العمل على استكشاف أسباب هذا الادعاء أو ذاك. حيث إن في الحب والكراهية، الأشياء التي نحبها وتلك التي نبغضها، ينبغي أن نلتمس أسبابها في أغوار اللاشعور الذي يعرفه فرويد بما يأتي: إننا نعني باللاشعور كل عملية نفسية آثارها الظاهرة تدل على وجودها الباطن، في الوقت الذي نجهل كل شيء عن هذا الشيء الكامن، بالرغم من وجوده في داخل أنفسنا [2] . في المقطع المرفق لفتة جميلة بعنوان ”بخصوص الكراهية“:

[1]  فرويد ضد دافنشي ص 32.

[2]  الحب والكراهية، د. أحمد فؤاد الأهواني، ص 24.