آخر تحديث: 27 / 12 / 2024م - 1:40 ص

آمال من تحت الركام فهل انقطع الأنين!!!

مفيدة أحمد اللويف *

لقد توقف عقرب الساعة عند ذلك الوقت الذي أوقف انفاسنا منذ تلك اللحظةِ المأساوية، فهناك أناتٌ تنبعث من تحت تلك الأنقاض حيث كانت فرق الدفاع المدني والمنقذين يسمعون أصوات الضحايا وهم يستنجدون، وهاهي الضحايا تصل إلى نحو 25 الفاً في تركيا و4 آلافٍ من شمال سوريا وغير المصابين الذين وصل عددهم إلى أكثر من 80 ألفاً، وهانحن ندخل في اليوم الخامس وبدأت الآمال تتلاشى لرؤية الحياة من جديد، فهل ياترى ستجد فرق الإنقاذ طفلا يبتسم أو أماً فرحةً بإنقاذ فلذات اكبادها!!!

واليكم مني حكاية ترويها لنا تلك المشاهدات التي ربما ابكت الصخر، فعند انقاذ إيلاف سألها فريق الإنقاذ: هل يوجد احد غيرك هنا؟ فأجابتهم بذلك الرد الذي جرحهم كسهمٍ اخترق قلوبهم المنهكة: ”امي واخواتي جوا بس ميتين“، ومن تلك المشاهد مقطع لشاب سوري يستنجد ويقول: ”11 من عائلتي تحت الأنقاض بس بدنا جرافات تشيل الطابق الأخير واحنا نكمل حفر لننقذهم“، ايضاً هذا شاب سوري آخر يتحدث امام الكاميرا ثم يجهش بالبكاء ”حفرت بأصابيعي لطلعت عايش مع زوجتي واثنين من اولادي وباقي اثنين من اولادي ظلوا تحت الركام وماراح اتحرك من هون حتى ألاقيهم“، واحترامي وقبُلاتي لتلك السيدة العظيمة التي تم انقاذها واطفالها بعد ثلاثة ايام ولم تخرج حتى يعطوها غطاءً تستر به شعرها وبينما كان المنقذون يحضرون لها الحجاب قالوا لها نحن ابنائِكِ ليخففوا عنها الألم ولم تخرج دون حجاب، ايضا رأيت شاباً تركياً ناجٍ من الزلزال يبكي ويقول: ”كنت اصلي الجمعة فقط وسأبدأ الآن بالصلوات الخمس يوميا“، وهناك مواطن تركي يفرِّغ محله لمتضرري الزلزال ويقول لهم: ”لاتتركوا لي فيه شيء“، وتلك سيدة مسنة تدعو لشباب فرق الإنقاذ: ”اشكركم جدا، ربي يحفظ لكم شبابكم، لو متزوج ربي يحفظ لك زوجتك واولادك“ ومن جهة أخرى رجل مسن يستغيث ”بدنا شغل لننقذ العالم“، ومن المقاطع التي اذهلتني وانفطر لها قلبي كان انهيار لجزء من مبنى متضرر على فرق الإنقاذ والاغاثة أثناء عملهم على رفع الأنقاض في احدى المناطق بتركيا.

رائحة الموت قد خيم على ذلك المكان وكل الأحياء من الفرق المنقذة قد اصيبوا بخيبة امل لعدم قدرتهم على فعل شيء سوى الدعاء لمن هم عالقون تحت تلك البيوت المدمَّرة، ولكن الأمل بالله أقوى ومن الممكن العثور على احياء ولربما تحدث المعجزات من رب السماوات والأرضين لإنقاذ أي روح عالقة فسماع أصوات الأطفال من تحت الأنقاض تجدد الأمل ورؤية ابتسامة طفل من تحت الركام ستعيد الحياة، وهاهو صوت سيدة حامل بعد خمسة ايام ينير بصيص الأمل لدى المنقذين وايضا لحظات تحبس الأنفاس لعملية إنقاذ طفلة الخمس سنوات التي كانت عالقة تحت ذلك الركام، كما أن الأمل يتجدد بإنقاذ طفل رضيع حي يبلغ من العمر شهرين.

كل الصور مؤلمة وكل المشاهدات تتعب القلوب فيا رب اجبر كسرَ تلك القلوب الفاقدة من اخواننا في تركيا وسوريا وارحم موتاهم وشافي وعافي مرضاهم وقرَّ عينهم برؤية ذويهم سالمين معافين يا الله ياكريم، ولاتحملنا يارب مالا طاقة لنا به وارحمنا واخواننا المؤمنين والمؤمنات برحمتك الواسعة والطف بنا يا ارحم الراحمين.