في النّاس خير!
نقرأ خبرًا في مواقع التواصل المجتمعي عن صرف جمعية خيرية في منطقة ما حولنا مبلغ كذا وكذا في وجهات خيرية والأموال عادة ما تكون غير قليلة! نسمع عن حادثة حدثت بعيدًا أو قريبًا منا وأعان النّاس فيها بعضهم بعضا! هذه الإعلانات والحالات تعني أن: في النّاس خير. وقديمًا قال الشاعر المعرّي:
الناسُ للناسِ من بدوٍ وحاضرةٍ ** بعض لبعضٍ وإن لم يشعروا خدمُ
الدنيا أيام وتنتهي، رحم الله فيها من أعانَ وعاون. تتقلب الدنيا في أحوالها، ولا تعطي ضمانًا لأحد أن لا يكون - هو - يومًا ما في موضع حاجة وعوز. والشواهد على ذلك كثيرة، فأنا في عمري رأيتُ فقراءَ اغتنوا وأغنياءَ افتقروا ورأيتُ من عزّوا ومن ذلوا. الفقر ينتزع من الإنسان أروعَ ما فيه من طاقات ويسلبه ما يمكن أن ينجز من مهمات لذلك يمكن توجيه إرشاد النبيّ محمد ﷺ: ”ارحموا عزيز قومٍ ذل، وغني قومٍ افتقر، وعالمًا تتلاعب به الجهال“.
الحمد لله، الدنيا لا تزال بخير والناس يعطون على قدر ما يستطيعون، وما ذلك إلّا لأنهم يعرفون قيمة العطاء والربح الذي يحصلون عليه، فلا تجارة أربح من التجارة مع الله. ومنذ القديم شاع القولُ بين ناسنا: النّاس للناس والكل بالله أو الكل لله! واحد يتبرع بمال وآخر بخدمة جسديّة وثالث بأشياء.
قصّ الله في القرآن خبر أهل قرية بأنهم كانوا لئامًا عندما أبوا أن يضيفوا موسى 
وصاحبه ﴿فَآنطَلَقَا حَتَّى?? إِذَا? أَتَيَا? أَه?لَ قَر?يَةٍ آس?تَط?عَمَا? أَه?لَهَا فَأَبَو?اْ أَن يُضَيِّفُوهُمَا﴾ . من خلال ما جرى لموسى وصاحبه عرفنا أن أهل هذه المدينة - أيا كانت المدينة - أنهم كانوا لئامًا دنيئيّ الهمة، وجاء في رواية عن رسول الله ﷺ في وصف أهل هذه المدينة: ”كانوا أهل قريةٍ لئام“. مع ذلك قام الخضر بترميم الجدار وكأنه بذلك أراد أن يجازي فعال أهل القرية السيئة بما هو أجمل!
الله المنجي! تجري الأمور وتحدث الحوادث ويحتاج أناسٌ إلى غيرهم ويقول الإمام علي : ”من كثرت نعم الله عليه كثرت حوائجُ الناس إليه، فمن قام للهِ فيها بما يجب فيها عرضها للدوام والبقاء، ومن لم يقم فيها بما يجب عرضها للزوالِ والفناء“. الفطن الحاذق من اتعظ من حوادث الزمان وحاول أن يتقيها، ولا أخال أحدًا يستطيع:
هِيَ الأُمُورُ كَما شاهَدتُها دُوَلٌ ** مَن سَرّهُ زَمَن ساءَتهُ أَزمانُ
وَهَذِهِ الدارُ لا تُبقي عَلى أَحَدٍ ** وَلا يَدُومُ عَلى حالٍ لَها شانُ
