آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 8:43 ص

الإدراك الاجتماعي

نجفيه حماده

علاقاتنا الاجتماعية في خطر إذا ما سلطنا الضوء على عملية التعلم الاجتماعي، هذا ما بدأه العالم باندورا والذي أثبت في دراساته القيّمة أهمية عملية الإدراك الاجتماعي والتي تعني دراسة الأداء البشري والدور الذي تلعبه البيئة الاجتماعية في التحفيز والتعلم والتنظيم الذاتي.

نحن هنا في علاقاتنا الاجتماعية ندرس كافة الجوانب الشخصية ونقيم العلاقات بناءً عليها، لذلك فعملية الإدراك الاجتماعي تحتاج إلى التركيز الإيجابي والسلبي في كل شخصية وتحويل الجانب السلبي منها إلى إيجابي، فمثلاً لديك عائلة كبيرة وأفرادها ذوو شخصيات مختلفة ولكل واحد منهم شخصية تميّزه عن الآخر لكن جانب أحدهم السلبي يطغى عليه، لذا تكمن أهمية تطبيق واتباع نظرية الإدراك الاجتماعي معه فإذا كان مثلاً ذا شخصية منهزمة ويصف نفسه بالفشل الدائم تبرز نقاط القوة لديه ليدركها وينمّيها وتحفزه ليكون منجزاً ومبدعاً من خلال استغلال هذه النقاط.

وعلى الجانب الآخر، شخصية مستفزة ويعشق أن يجعلك أضحوكة أمام الآخرين وجب عليك الحزم معه قليلاً لكي لا يتمادى ويبقى الود بينكم فكرسي العظمة لرب العالمين وليس للعبيد، كن إكسيراً للمحبة في مجتمعك لتكسب رضا خالقك، دموع المنكسرين في جوف الظلام سببها كلمة ألقاها أحدهم فكسرت فؤاداً سعيداً، ليس عليك إلا أن تجعل حدوداً جميلة في كل علاقة لتدوم.

يشير علماء النفس حول نظرية الإدراك الاجتماعي إلى أن عملية التقليد لا يمكن أن يتم تعلمها إلا إذا تم التقليد أمام الفرد، إذ لخصوا أن هناك أربعة عوامل تساهم في عملية التعلم وهي: الدوافع والإشارات والاستجابات والمكافآت، وإن من الدوافع التي تدعو الفرد لتعلم السلوك هو الدافع الاجتماعي، فيتعلم الفرد من خلال عملية الملاحظة والتقليد أين ومتى يؤدي الفعل؟ فيتم تقليد السلوك حسب النتائج التي تلقاها النموذج سواء كانت إيجابية أو سلبية وأن لكل فعل ردة فعل، فكل شخصية تتبع الشخصية القريبة منها سواءً داخل محيط المنزل أم خارجه وسط المجتمع.

خلقنا الله شعوباً وقبائل.. نتآلف مع كافة الشخصيات لنقترب من بعضنا ونحوّل كل جانب سلبي لشيء جميل نحدّث به الأجيال القادمة، يجب علينا ألا نهدم العلاقات بسبب غيرة أو تنمر أو حسد، لنرى الجانب الرائع للشخص «وإن كنت تكرهه» فلربما تحب ذلك الشخص بسبب هذا الجانب الإيجابي منه، تعايش مع كل الشخصيات وضع حدوداً إن أردت ذلك ولكن لا تنهيها، تدارك العلاقات العائلية منها والاجتماعية، حلّق في سماء المحبة والطيبة وستساق لك القلوب المقفلة.

دمتم مجتمعاً صلباً لا تهدمه نفوس مريضة وساندوا بعضكم لتنعموا بمجتمع محب وناجح.