آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 7:35 م

”شاعر الخط“.. الذي تغنى بوصفه الشعراء

الشيخ عبد الكريم آل زرع
الشيخ عبد الكريم آل زرع
جهات الإخبارية

شاعر الخط، والشاعر الإنسان، وشاعر الأرض والولاء، هي جملة أوصاف أسبغها ألمع شعراء المنطقة الشرقية على الشيخ عبد الكريم آل زرع على نحو وضعه في منزلةً لم يبلغها شاعر سواه في القطيف والمنطقة.

الشاعر الإنسان لأنه حمل على عاتقه هموم مجتمعه ومسؤولياته فانضم لجمعية تاروت الخيرية قاضيا لحوائج الناس ومعينا في معالجة مشكلات بلدته وأهلها، وشاعر الأرض والولاء لأن تاروت أولدته من رحمها الخصب فالتصق بها وأوفى.

الرجل الذي ”جمع النقيضين.. رجل صالح وشاعر كبير“ كما وصفه الشاعر جاسم الصحيح، يضاف إلى جملة الأوصاف البليغة والعميقة التي لا تزال تعجز عن أن تفي بحق الشيخ عبد الكريم آل زرع.

قصيدة ”أبانا الذي في الشعر“ للشاعر جاسم الصحيح في ليلة تكريمه تدفقت سيلًا من الأوصاف الفارهة في حق آل زرع وشخصيته وأخلاقه وحجم عطائه الممتد لأربعين عاما لمجتمعه والأدب، القصيدة قدمها الصحيح ل"جهات الإخبارية واخترنا منها:

يا شاعر الخط يا مهدي شواطئها ** من النوارس أسرابًا بلا عددِ

ويا ”أبا بحرها“ الثاني.. وبينكما ** قُربى من الموجِ لا قُربى من الزَّبَدِ

هذي هِيَ ”الخَطُّ“ صاغتْ منكَ حنجرةً ** للبحرِ، فيها غناءُ المُبحِرِينَ ندي

تلبَّسَتْكَ القوافي كي تخيطَ لها ** لباسَها من حريرِ الخُلدِ والخَلَدِ

فما برحتَ مع الفصحى تُفصِّلُها ** على رؤاكَ فلم تُنقِصْ ولم تَزِدِ

وتجتليها عروسًا في مباهجِها ** ريفيَّةً ترتدي فستانَها البلدي

وصوتُكَ الهمسُ يحكي في سكينتهِ ** عن شاعرٍ بشفاهِ الوحيِ مُتَّحِدِ

والشعرُ دربُكَ; ما شَحَّتْ إضاءتُهُ ** من فَرطِ ما تلتظي عيناكَ بالسَّهَدِ!

دربٌ سلكتَ سلوكَ الناسكينَ بهِ ** حتى تغشَّاكَ نورُ المطلقِ الصمدِ

وبزغ طالع الشيخ عبد الكريم آل زرع من رحم تاروت حيث ولد في العام 1381 هجرية/1961م وقد أرخ مولده قائلاً:

بشهر شعبان ازدهى بالنور برج الحوتِ

فاسطع به أرخ ”أيا كريمنا التاروتي“.

وكتب الشيخ الشعر صغيرا بعمر العاشرة حيث تنفسه بكل تفاصيل الحياة مِنْ مواويل البحَّارة إلى عادات الأمهات وأهازيجهن لأطفالهن وحداء الخطباء على منبر الحسين، ففي كلّ مفاصل الحياة كان الشعر حاضرًا وبفاعليةٍ كونية وكأنه مِنْ نسيج هذه الأرض وأحد عناصرها الوجودية.

التحق شاعرنا بشركة أرامكو السعودية في العام 1405 هـ / 1985م وقبلها التحق بالدراسة الحوزوية لمدة عامين في مدينة قم ثم أكمل دراسته الدينية في القطيف على أيدي علمائها ومنهم الشيخ مهدي المصلي والشيخ نزار آل سنبل والشيخ مهدي العوازم.

وأسس مبكرا منتدى الغدير الأدبي في عام 1404 والذي ضم نخبة من الشعراء، كما أسس لاحقا منتدى الكوثر الأدبي ورأسه على مدى فترة طويلة رفقة شعراء القطيف والأحساء، وله مشاركات كثيرة في مهرجانات الإنشاد والشعر.

وتُرْجِمَ للشيخ الشاعر آل زرع في بعض كتب التراجم والتاريخ، ومن ذلك على سبيل المثال: كتاب الأمل الموعود للأستاذ لؤي سنبل، أهل البيت في الشعر القطيفي للشيخ نزار سنبل، ومجلة الموسم.

وتمخض عطاء الشيخ آل زرع في الشعر، ما بين الشعبي والفصيح ولأكثر من أربعين عاما، عن ديوان ”رفيف الولاء“ الذي احتفي به مؤخرا في حفل تكريم حافل بنخبة من رجالات الأدب والمجتمع من المنطقة وخارجها.

وقال عنه الشاعر شفيق العبادي في مقال ”الشاعر الإنسان“: ”شيخنا الوقور، وحكيمنا الملهم، الذي اختصر نجومنا طيورًا في مداراته وَحريٌّ به.. الشاعر الكبير الذي تراه في ظِلِّ مرايا الشعر ماثلاً وإن رهن أجنحته لفضاءات آل البيت وياله مِنْ شرف، الناشط الاجتماعي، والمثقف الكبير، وصديق الجميع“.

وهب نفسه لكل الظامئين هكذا قال عنه الشاعر علي الشيخ لـ ”جهات الإخبارية“ حيث قال: الشيخ عبد الكريم آل زرع الإنسان المربي لجيل اتسم بالحب والجمال والوعي الثقافي، حيث ملأ روحه بكل أدوات القراءة.. ونهل من منابع الشعر أجمله وأعذبه ففاض على محبيه بكل رهافة وامتنان ووهب نفسه لكل الظامئين فلم يبقِ لنفسه شيئا.

وأضاف: أنه من ترابيته أنه نسيَ ذاته ولم يكترث لطباعة ديوانه إلا بعد أكثر من أربعة عقود على تجربته الفذة وينم ذلك عن حالة إيثار الآخر على نفسه والجود بالنفس أسمى غاية الجود، كم يعلمنا هذا الأستاذ من دروس التواضع وحبه الكثير من التجارب العملية.

وتابع قائلا ”هو رجل تلبسه الإخلاص، وعجنته العقيدة بخالص صدقها، فاستوى بشرا سويّا يأخذك لأجمل فضاءات الروحانيين.. وكم كتب نصوصا كاملة قبل الحفل بساعة أو تزيد قليلا، كم أطرب آذان الغاويين للشعر بالكثير من الدهشة، ومازال وارف ظلٍّ للقصيدة الملتزمة والأدب القطيفي الضارب في عمق الحضارات“.

وذكر الصحفي حبيب محمود في مقالٍ له في حق الشيخ بعنوان ”لا أوان فاتنا مع عبد الكريم آل زرع“: ”عبد الكريم.. لم يكتب الشعر من أجل أبعد من أن يكون نسخةً من نية ذلك الغضب الذي قاله الكميت، وفعله الفرزدق، وأصرّ عليه دعبل، وتمسك به مئاتٌ من الموقنين“.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
جني الفريق
[ القطيف ]: 7 / 2 / 2023م - 3:45 م
الله يوفقه تقرير رائع