آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 3:01 م

التصالح والتجارب

الدكتورة زينب إبراهيم الخضيري * صحيفة الرياض

يدهشني الإنسان المتصالح مع ذاته، الذي يعيش دون التقيد بفكرة معينة أو رأي يتأثر به، لديه قناعاته الذاتية حول نفسه وعن الآخر، تجده متصالحاً مع الوقت وكل ما حوله، لدي الكثير من الدهشة والفضول إزاء هذه الشخصيات، وبطبيعتي الجائعة للبحث عن الحكمة في كل شيء، حاولت أن أبحث عن ماهية هذا التصالح والسكون والهدوء، فكل ما حولنا يؤثر بنا، فكيف نعزل أنفسنا عما حولنا من مؤثرات، لأن الإنسان الذي يتأثر بغيره يكون مقيداً بكل ما حوله وليس لديه تمييز بين الأشخاص والمواقف ولا يعلم عن حقيقة نفسه إلا عند المواقف التي تعريه أمام نفسه، فالبشر يتشابهون ويختلفون، فالاختلاف ليس صناعة بشرية هو ميزة كونية، هو الشرق والغرب والشمال والجنوب، هو أواسط نيكاراغوا وبياض ثلج القطب، هو كائنات تحت البحر وفي البر، هو كل شيء متناغم مع ما حوله، كيف للإنسان أن يرفض الاختلاف؟

إن تغيير طريقة تفكيرنا واقناع العقل اللاواعي بداخلنا بضرورة قبول كل شيء حولنا هو عملية صعبة ولكن ليست مستحيلة، ففي قصة أحد أصحاب الشركات الذي تعرض لخسارة فادحة كادت تجعل شركته في ذمة التاريخ خلال ثلاثة أشهر، حيث يقول: إنه اكتشف السر وتحول كل شيء في حياته تحولاً تاماً لأنه غيّر طريقته في التفكير وفي قبول الحلول الأخرى، وبينما كان المحاسبون يؤكدون له انهيار شركته كان هو يركز على الوفرة وأن كل شيء على ما يرام، ويقول: «كنت أعلم بكل خلية من خلاياي أن الله سوف يسخر الكون ليمنحني ما أتمناه وقد كان».

وهذه القصة تثبت لنا إن الإنسان عندما يؤمن في عقله الباطن بشيء فسوف يتحقق لا محالة. وعندما نرغب في أن نعيش في سلام نفسي وتقبل كل ما حولنا من شخصيات ومواقف وأقدار هي المعادلة التي نتوصل لها لنعيش في سلام داخلي فكلما كان العمل على اكتشاف النفس بطريقة أو أخرى مثمراً كلما تطور وعي الإنسان بشكل أسرع وأقوى وكلما تطورت مهاراته وأدواته في التعامل مع كل شيء حوله.

إن التركيز على النفس وما تجيده يجعل التجربة الحياتية غنية والقبول بالاختلافات والتغيرات يجعلنا أكثر ميلاً للهدوء والسكينة، وبطبيعتنا البشرية الميّالة للفضول والاكتشاف فالوقوع الوقوع في التجارب لا يجب أن تتوقف من أجل الثراء النفسي والتوازن.