عبد المجيد الضامن المعلم المثقف
توفي البارحة «ليلة الثلاثاء: الحادي من شهر رجب 1444 هـ» الأستاذ: عبد المجيد بن الحاج مهدي «أبي عبد العظيم» بن حسن الضامن، ولم أعلم بوفاته، إلا بعد ظهر اليوم «الثلاثاء»؛ نعته إليَّ أمي - شفاها الله وعافاها! - ثم قرأت نعيه في صحيفة إلكترونية: انتقل إلى رحمة الله تعالى المعلم: الحاج عبد المجيد مهدي حسن الضامن، عن عمر ناهز 59 عامًا...
نعم؛ هو - يرحمه الله تعالى! - حاج، وهو معلم «يعمل في إحدى المدارس معلمًا»، وهذا الوصف يطلق على كثيرين اليوم؛ ولكن قد يطلق على من نال شهادة جامعية بصورة أو بأخرى، ثم اكتفى بالوظيفة والراتب الشهري، وحفظ ما يقوله ويكرره كل عام على الطلاب، ولم تكن له علاقة باختصاصه الذي شهدت له وأجازته به جامعة هنا، أوكلية هنالك، ويظل مرحبًا به بين الناس: أهلًا بالأستاذ.. تفضل أستاذ!!
ولو كنت مسئولًا في إحدى الصحف التي تنشر فيها الوفيات، لما كتبت المعلومات الرسمية، مثل الاسم الرسمي الرباعي، وكون المتوفى حج أم لم يحج، ومسمى وظيفته الرسمي... إلى غيرها من المعلومات السطحية... ولحاولت وطاولت أن أعرف مكانة المتوفى الاجتماعية، ومنزلته العلمية والثقافية.
هذا المتوفى - وإن كان من المغمورين - أستاذ كبير، ومن كبار المثقفين، وله من علوم وفنون كثيرة حظ وافر؛ له من علوم العربية وفنونها ما يكتفي به، وهو ناقد خبير، وهو متذوق للأدب قديم، وله علاقة باللغات الأخرى، كالفارسية والإنجليزية، ولا أدري إن كانت له علاقة بغيرهما، وما ذلك بالعجيب من مثله!
وكنا نراه يقرأ في كتب الفلسفة والعلوم العقلية والعرفان، وكان يقرأ فيما يتعلق بعلم الاجتماع وعلم النفس، وفي الفكر والاقتصاد، وفي كل ما تصل إليه يده من العلوم والفنون، وكانت مكتبته في «مياس» مكتبة قيمة، ولم ندخل عليه، إلا وهو يفكر، وأمامه كتاب يفكك عباراته العويصة، ويقلب معلوماته المستصعبة، وكان يشرك من يدخل عليه فيما يفكر فيه، وكان يعرض ما وصل إليه، وقد يكون كذا رأي!! وقد نراه يتأمل لوحة فنية، ويطيل التأمل فيها، وقد تمر عليه عدة أيام وهو يتأمل، حتى يتحدث إليك عن تلك اللوحة بكلام لا يمسه إلا مختص بعلم الجمال، ومتعمق في الفن والإبداع.
وكان فقيدنا - يرحمه الله! - متواضعًا لا يمدح نفسه، ولا يثني عليها، على أنك تدرك أنه رجل عظيم بحديثه وأحواله، والتواضع صفة لازمة لهذه الأسرة الكريمة النجيبة من ولد الحاج مهدي الضامن رحمه الله تعالى.
وآل الضامن الكرام من مؤسسي «مياس» وبانيها، ولا أريد التحدث والكتابة عن مياس اليوم؛ فالكلام عنها يطول! وإنما أردت أن أكتب أسطرًا أدعو فيها من يعرف هذا الراحل العظيم، والأستاذ الكبير، إلى أن يكتب عنه - رحمه الله - ويسلط الضوء على حياته، وحياته الفكرية والعلمية والثقافية خاصة.
ولو لم أكن مريضًا شديد المرض، للزمت مجلس عزاء فقيدنا الكبير، ولم أفارقه؛ فإني أعده أخًا وحبيبًا.
فليعذرني آل الضامن الكرام...
والعذر - عند كرام الناس - مقبولُ