”الغانم“.. أول قطيفي يتخرج من كلية المعلمين
أكد أن المشهد الثقافي في ”حالة مزرية“..
المعلم ”أحمد بن مكي الغانم“، أحد أبناء محافظة القطيف، ممن امتهنوا مهنة التعليم، وعاصروا البدايات الأولى لمسيرة لتعليم، وتحديدًا معهد إعداد المعلمين.
وقال الغانم لـ ”جهات الإخبارية“: إنه ولد في صفوى، في 4 أغسطس من العام 1940، وأنهى المرحلة الابتدائية بها، وانتقل فيما بعد إلى معهد المعلمين بالدمام، وقد تخرج في العام 1965، والتحق بمهنة التعليم في الجبيل، ثم النعيرية، وانتقلت إلى الدراسة التكميلية الخاصة بالمعلّمين في الرياض، ثم انتقلت إلى بغداد لمواصلة الدراسة.
وتوقف الغانم قليلا عند معهد المعلمين، الذي كان حسب قوله خيارًا من اثنين، إما الدراسة المتوسطة، أو معهد المعلمين، فيتخرج معلمًا ويختصر المدة الزمنية، فتفاجأ بعدم القبول في المرحلة المتوسطة، ولم يعرف السبب، وأرجعه في قرارة نفسه لاكتمال العدد المطلوب.
وبين أنه ناقش الشخص المعني بالتسجيل، فأبلغه بالرفض، لكنّه مع ذلك اقترح عليه التوجه إلى مكتب مدير التعليم، وكان حينها المدير عبد العزيز التركي، فلم يتردد في هذا الأمر فقصد المكتب، وصادف أن رأى أربعة من زملائه في الدراسة، ممن يسكنون بلدة أم الساهك القريبة من صفوى، فتم تقديم الطلبات سويّة ”خمسة أشخاص من القطيف“، فتم قبول الجميع.
وأشار إلى أن حبّه للعلم والمعرفة، أجبره على الذهاب إلى عالم آخر في هذا الرحاب، للدراسة الجامعية، وكانت في تلك الفترة بغداد، من أقرب وأهم المراكز العلمية التي يقصدها طالبو العلم.
وأكد أن بدأ الدراسة أولًا بجامعة المستنصرية ”الفترة المسائية، وكلية القانون والسياسة“ قانون"، في جامعة بغداد، وأنه لم يختر هذا التخصص إلا حرصًا على أن يمتهن مهنة تحفظ حقوق الناس.
ووصف الغانم انطباعه الأولى حينما حلّ في بغداد، بقوله: وجدتها بمثابة هيئة الأمم المتحدة، فبها من كل أجناس العالم، إذ لا تشعر بأنك في بلد بعيد عن أهلك، فلا أحد يسألك عن إقامتك ولا تأشيرة الدخول والخروج ولا الجنسية، فالعربي في تلك الفترة يحق له الدخول والإقامة في العراق لمجرد أنه عربي".
وأوضح أن العراق في تلك الفترة كان يشهد حركة علمية وثقافية متنامية، لوجود العديد من الأجناس والجنسيات، هذا التنوع يخلق من يتعايش ويتعاطى معه بكل إيجابية، ويمنحه دروسا قد لا يحصل عليها في الدراسة فضلا عن العيش في مكان آخر.
وتابع أن شقته كانت أشبه ب ”ملحقية ثقافية“ للطلاب والطالبات، الذين يجتمعون معه في يوم الجمعة، فكان هو الوحيد من بين المجموعة من يتقن إعداد ”كبسة الأرز“ المفضلة لدى السعوديين.
وفي هذه المسيرة، يرى الغانم بأنه لم يواجه صعوبات على الصعيد المادي، إذ لم يشهد أي تقصير في هذا الجانب من أهله، وتحديدا والده، الذي كان يتابعه ويساعده، لكنّه مع ذلك يرى أن الخلافات الفكرية التي تدور حول العديد من القضايا هي المزعجة بعض الشيء.
ولفت إلى أنه يسعى دائما للاستفادة من وقته ومن كل شيء يتعاطى معه، فكان ينشئ مكتبة في أي بلد يحل فيه، فقد أنشأ مكتبة في صفوى، ثم في القطيف، ثم في بغداد، وجعل من شقته مكتبة.
وقرر الغانم العودة إلى القطيف، في العام 1978، وشاءت الظروف لأن يعود، دون الحصول على الشهادة الجامعية، لكنّه جاء محمّلا بمعلومات وجملة من الكتب اطلع عليها، فضلا عن العشرات من الشخصيات العامة من عراقيين وعرب قد التقى بهم وتفاعل معهم، ليبدأ حياة أخرى.
وعن قراءته للمشهد الثقافي المحلي، قال: إنه يدعو كافة الطلاب والطالبات بألا تشغلهم التكنولوجيا الحديثة عن استعمال العقل، بل من الضرورة أن تكون داعمة للعقل لا معطلة له، فليس من السليم أن الطالب إذا أراد أن يأتيه سؤال في جدول الضرب يقوم بالضرب على الهاتف الجوال، وذلك بخلاف الأزمنة الأولية السابقة التي كانت قسوة المعلمين قد صقلت عقول العشرات من الشباب.
وأكمل أن المشهد الثقافي يمر بحالة مزرية، لأن البعض قد قطع علاقته مع الكتاب، واستغنى عن ذلك بالآلة والتقنية الحديثة، ويسير بموجب قاعدة ”اعطني مسرحًا راقيًا أعطيك شعبًا“، بمعنى إذا توافرت الوسائل يمكننا أن نخلق شيئا من لا شيء.
ولتجاوز هذا الأمر يرى أن البداية ليس من المدرسة، ولا من الجامعة، ولا من المعهد، ولا المسرح، ولا السينما، ولكن تبدأ العملية من المنزل، فهو الأساس لخلق الإنسان الراقي المبدع الذي يقوم كل خطوات التنمية ويلبّي متطلباتها.
ودعا الغانم للاطلاع على معطيات الأزمنة السابقة، وحضارات الأمم البائدة، ولديه تجربة المشاركة في أول مهرجان سياحي بالقطيف عام 2002 والتي من خلالها يرى أن الآثار الموجودة في القطيف، والتاريخ الماضي بحاجة لأن يعاد النظر فيها للاستفادة والعبرة والحفاظ على الهوية، هوية هذه البلاد العظيمة ذات التاريخ الشامخ.




















