كنز ترفض بعض الأمهات إعطاءه لأبنائهن
أجيال مضت منذ أن ارتبطت الرضاعة الصناعية بالتطور والتقدم، وفشلت أغلب النساء في إرضاع أبنائهن رضاعة طبيعية حصرية.
لقد كانت البداية في نظرة الإعجاب للتقدم والتطور ونظرة الاحتقار إلى ماهو قديم، فكما ابتعد أكثر الرجال عن العمل في المزارع ليلتحقوا بالشركات التي تمثل التقدم والتطور، بدأت النساء بتقليد نساء الغرب في إعطاء أبنائهن الحليب الصناعي، وكانت هناك نظرة أن من لا تستطيع إعطاء ابنها الحليب الصناعي هي أقل مستوى من تلك التي تعطي ابنها حليبا صناعيا، وإن الحليب الصناعي هو أحد طرق تدليل الطفل.
ومضت الأيام، واتضحت الحقائق وبات واضحا للجميع أن الأفضل للطفل هو الرضاعة الطبيعية، حيث لا يختلف اثنان حول هذه الحقيقة، ولكن النساء استمرت في نصح بعضهن بإعطاء أبنائهن الحليب الصناعي بعدة حجج منها على سبيل الأمثلة لا الحصر:
- إن حليبك ليس كافيا
- إن حجم طفلك صغير بالنسبة لأقرانه، لأنه لا يأخذ الحليب الحليب الصناعي.
- أعطي طفلك الحليب الصناعي في الليل، لينام بعمق واستمتعي أنت بنوم هادىء
- لماذا تتعبين نفسك وأنت طالبة أو موظفة، وفي النهاية لابد لابنك من الحليب الصناعي.
- لماذا كل هذا الجهد الذي تبذلينه في الرضاعة الطبيعية، فمهما حاولتِ فلن تستطيعي أن تصلي إلى هدفك في الرضاعة الطبيعية الحصرية، فكل الظروف ضدك.
هذا هو الظاهر من الحديث، ولكن عندما طلبت مني الأمهات الجدد الدعم في الرضاعة الطبيعية، والتحدث مع أمهاتهن لكي لا يضغطن عليهن في إعطاء أولادهن الحليب الصناعي، كانت الجلسة تدور حول فكرة واحدة وهي، نحن أعطيناكن الحليب الصناعي ولم يحدث لكن شيء، فلماذا تردن أن تتعبن بناتنا بالرضاعة الطبيعية.
جيل مضى حاولت النساء أن يقدمن فيه لأبنائهن ما اعتقدن أنه الأفضل، ولكن العلم الحديث والدراسات أوضحت أنه ليس الأفضل ولم التقِ امرأة إلى الآن تعتقد أن الحليب الصناعي أفضل من الطبيعي ولكنها عقلية السلطعون.
ليس من باب الحسد أو الغيرة، بل من باب أننا أصحاب تجربة نعتقد أنها ناجحة، فلماذا لا نفيد بناتنا بها.
لقد وصل الحال ببعض النساء أن يتهمن بناتهن أو زوجات أبنائهن بالبخل لكونهن لا يردن أن يعطين أبنائهن الحليب الصناعي أو المواد المعلبة.
ووصل الحال ببعض الأمهات أن يرفضن الاعتناء بأبناء بناتهن إذا لم يكن الطفل يرضع رضاعة صناعية.
كما أنني سمعت من عدة أمهات جملة أتألم منها وهي، «بقيت في شقتي لأنني لن أستطيع أن أعطي ابني رضاعة طبيعية حصرية في بيت أهلي»، فأمي لن تساعدني في هذا، لم أكن أتخيل أن يصل الامر إلى أن تتخلى البنت عن راحتها وعناية أمها، لكي تستطيع أن ترضع ابنها رضاعة طبيعية.
وفي عيادة الطفل السليم، تتكرر جملة أمي أو عمتي أم زوجي أعطته الحليب الصناعي وليس أنا.
امهاتي العزيزات وأخواتي الغاليات، دعونا نتحرر من عقلية السلطعون ولننظر إلى مستقبل هذا الجيل، فما مضى قد مضى، ولكن كل الشكر على ما قدمتن لأولادكن، وإنني لعلى قناعة تامة أنكن قدمتن لهم ما كنتن تعتقدن أنه الأفضل.
دعي ابنتك تتعرف بنفسها على ما هو أفضل لابنها وتعطيه إياه كما تريد هي، وادعميها في خيارها وساعديها لتصل إلى هدفها
لا تكوني أنت والزمن عليها، فهي يكفيها ما ستواجه من صعاب، بسبب الدراسة والعمل.
إن بناتكن وأخواتكن وزوجات أبنائكن وزميلاتكن وصديقاتكن محتاجات لدعمكن، ولا يمكنهن أن يستغنين عنكن، فأنتن الحصن الحصين والسور العالي الذي يتظللن تحته، فلا غنى لهن عنكن.
إن دعمكن لهن مهم جدا في نجاحهن في الرضاعة الطبيعية، فالأم تحتاج إلى الثقة بنفسها والطمأنينة النفسية والدعم من كل من يحيط بها لتنجح في إعطاء ابنها ما تعتقد أنه الأفضل له، ونحن ينبغي أن نكون كما قال رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا»، لكي نستطيع أن نواجه خطر شركات الحليب والدعاية غير الأخلاقية التي تقوم بها بعض هذه الشركات.
ملاحظة:
السلطعون أو سرطان البحر كائن له خاصية فريدة، فحينما تحتجز هذه القشريات في دلو وتحاول إحداها الخروج تبدأ الأخريات بتقويض جهود الهارب حتى يتم إعادته إلى قعر الدلو، بمعنى أنه إذا لم استطع أنا، فلن ادعك تستطيع أنت، بل سأمنعك من النجاح.