أناسٌ مثل المطر ينشرون الخيرَ وآخرون يستجدون ”لايكات“!
أمطرت السماءُ اليوم - الثلاثاء - أيضًا، وفي الدنيا من الناسِ من هو مثل المطر ينفع أينَ ومتى ما حلّ وارتحل، وما ينشره بعضهم في مواقع التواصل دليل على جمالهم. وفي النّاس من ينشر ما ليس فيه إلا الشرّ المستطير!
أعتقد أن القراء الكرام اعتادوا على استخدام كلمة إنجليزية ”Like“، أو ”إعجاب“ في اللغة العربية، ما الحيلة وهذه الكلمات المهجنة دخلت في لغتنا اليومية؟!
ليتها هي - الكلمة - فقط التي دخلت في قاموسِ لغتنا، إنما تسول ”اللايكات“ دخل في صلب ثقافتنا وممارساتِنا اليوميّة بفجاجة! وكأنه كلما كثرت عظم شأن من يَعرض ما يُعرض! والحقيقة هي ربما تنَاسبت الجودةُ عكسيًّا مع المحتوى المنشور، فكلما كثرت كان المنشور هابطًا وغير ذي قيمة. نادرًا ما ترى مقطعًا دون أن يطلب منك وضع إشارة الإعجاب! لا تخلو الدنيا من مواد قيّمة ويؤشر عليها كثيرون بالإعجاب، مع ذلك على من يتابع النظر في المادة وفي الناشر، لا في إعداد المعجبين والمتابعين.
فقراء المالِ يتسولونَ ويستجدونَ النّاس المال. الآن تُستجدى ”لايكات“ من أجلِ الشهرة والرقيّ الاجتماعي! طرق متنوعة لاستجداء لايكات بعضها أسخف من أن يُذكر، بشكلٍ مهين ومؤذٍ، وربما على حساب شخصيّة وذات الشخص نفسه!
قد لا يهم غيركَ ماذا يفعل من أجل الشهرةِ والمال لكنه حتمًا يهمك! إذًا، إذا عندك مادة جيدة قدمها وارغب في محبّة الله ومحبّة الناس وإن حصلتَ على المال فذلك خير وبركة! كرامة المرء أكبر من المادة والذهب. لا تكن شحاذًا يطلب الشهرة، بدلًا من ذلك قدم محتوى ذا قيمة ينفع الناس. لا تكن متسولًا على حساب شخصيتك لكي تحصل على إعجاب فلان وعلّان!
لا أقول تفاهة! هي سوقٌ مفتوحة يباع فيها الغثّ والسمين، فيها الناصح والغاشّ! اختر البائعَ والبضاعة بعناية! الله سبحانه ينصح: ﴿وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ . ومهما يكن من تفسير لكلمة ”الصادقين“ فهو يعني مجموعة أحقّ وأجدَر بالاتباع والمتابعة من غيرها. هم مجموعة إن تابعتهم لن يغشوكَ ولن يضلوكَ لا في الدنيا ولا في الآخرة!
فإذا كان ”الإعجاب“ يبعث في صاحب المحتوى شعورًا بالسعادة والغبطة - Euphoria - لماذا نلهث نحن ونسوّق له كل منشور غير ذي نفع؟ إلا أن نكون من السذّج! ومن العجائب أن ترى عبقريًّا يتابعه أقل من عشرة بينما آخر هابط يمشي خلفه مليارات!
الناشرون الجيدون مثل المطر! عن الإمام الحسين - عندما قال رجل: بإنّ المعروف إذا أسدي إلى غير أهله ضاع، قالَ -: ”ليس كذلك، ولكن تكون الصنيعة مثل وابلِ المطر تصيب البر والفاجر“. أفلا ترون - القرّاء الكرام - أن السماءَ تمطر في كل بلدٍ دون اعتبارٍ لدينٍ أو لونٍ أو عرق؟