آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:57 ص

التعليم عن بعد للطوارئ فقط

علي جعفر الشريمي * صحيفة الوطن

صرح المركز الوطني للأرصاد الجوية عبر متحدثه الرسمي قبل أيام عن استمرار الأمطار على معظم مناطق المملكة حتى الأسبوع المقبل.

السؤال المطروح: لماذا لم تصدر وزارة التعليم قرارًا بتحويل الدراسة عن بعد لبقية الفصل الدراسي الثاني، خاصة أن كثيرًا من إدارات التعليم علقت الدراسة الحضورية، لماذا هذا التوجس والقلق من الدراسة عن بعد؟

فالمتحدث الرسمي للتعليم إبان جائحة كورونا سمعناه يقول: «إن التعليم عن بعد وضع ليبقى ويفعل وقد حصلنا على إشادات عظيمة تخص التعليم الإلكتروني والتقدم على المؤشرات التنافسية العالمية، وهو خيار إستراتيجي لدى الوزارة».

وهنا نتساءل: أين هو التعليم الإلكتروني في منظومتنا التعليمية؟ عمليًا التعليم عن بعد موجود في وعي الكثيرين من المعلمين والطلاب وأولياء الأمور أنه وضع فقط للحالات الطارئة، وبناء عليه لا يعد خيارًا إستراتيجيًا كما صرح متحدث التعليم!

بدليل التردد وعدم الحزم في قرار تحويل الدراسة الحضورية إلى إلكترونية! فنحن زدنا فترة الدراسة للطالب في السنة الواحدة، ولا نريد أن نجعل يومًا واحدًا في الأسبوع كتعليم عن بعد! ومنذ سنوات أذكر أن أول لقاء عقده وزير التعليم في تلك الفترة عندما استلم ملف الوزارة كان تحت مسمى «لجنة تقويم أخطار الأحوال الجوية»، وأن الوزير شدد على مراعاة استكمال الطلاب وحداتهم الدراسية وتعويضهم عن الساعات التي فقدت نتيجة التعليق، شارحًا آلية التعويض بأنها من خلال زيادة وقت الدراسة، بحيث تضاف حصة دراسية في كل يوم لتعويض الحصص المفقودة في أيام التعليق.

اليوم العقلية ذاتها عند مسؤولي التعليم تتحدث دائمًا وأبدًا عن الفاقد التعليمي بعد الدراسة عن بعد.

في موقع «تويتر» أكتب بمحرك البحث: تعليق الدراسة ستجد سيلا من المطالبات والأدعية من قبل الطلاب والطالبات بتعليق الدراسة إنهم يرفعون أيديهم إلى السماء لطلب المزيد من المطر والغبار والضباب؟!

كل ذلك حتى تعلق الدراسة الحضورية، نتيجة كل ذلك أن مسؤولي التعليم يركزون على التعليم الحضوري، والطلبة يقاومون الدراسة الحضورية ويريدونها عن بعد!

إنها العقلية ذاتها، طرف يمين وطرف يسار وكما يقال أنت تصبح ما تقاوم.

في اليابان مثلا العام الدراسي الفعلي هو الأطول على الإطلاق تتخلله عُطلة الربيع، التي تصل إلى نحو 10 أيام، ومثلها عُطلة رأس السنة الميلادية، بينما العُطلة الصيفية، تصل إلى نحو 40 يومًا. وعدد ساعات الدوام المدرسي، هي الأطول مُقارنة بأي دولة أُخرى، لكن هذا لا يعد مؤشرًا حقيقيا لتطور التعليم في اليابان، المؤشر الحقيقي هو في دافعية الطالب للتعليم، مؤشر الحب والكراهية والأرقام تشير إلى أن نسبة غياب الياباني عن مدرسته الابتدائية في العام الواحد أقل من %2، وهذا يعني أن الطالب قد لا يغيب سوى أقل من 4 أيام من 200 يوم دراسي.. لماذا؟

خبراء التربية اليابانيون أدركوا أن الكارثة ليست في إجازات التعليق المدرسية الموجودة لديهم جراء العواصف الشديدة فهي جزء من حقوقهم الإنسانية، وليس الفاقد التعليمي من الدراسة عن بعد، وليس بتمديد الدراسة أو تقصيرها، لكنهم تيقنوا أن دافعية الطالب للتعليم هو الأساس في تطوير المنظومة التعليمية من خلال أشكال وألوان الترفيه ومساحة الطالب في حقوقه وحرياته بالمدرسة، ونتيجة ذلك كله تجد الطالب عاشقًا للمدرسة حضوريًا كان أو عن بعد، الأمر عندهم سيان.