آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 7:28 م

السّباقُ الإيجابي وأسرار الغيرة.

ليلى الزاهر *

يظن الجميع أن الغيرة موقف سلبي تجاه الآخرين وهذا ماكنت أعتقده أيضًا ولكن في البحث بين صفحات المجتمع

لاحظت أن الغيرة مشاعر مُدهشة تتواضع فتغيّر اتجاهها وتستبدل مشاعر الحقد والغضب بمشاعر تنافسيّة إيجابية مليئة بحب الخير للناس.

وعندما يتعلق الأمر بالغيرة المحمودة فإن الغيرة تُعدُّ المُحفّز لتحقيق جميع أمنيات الإنسان، تخلق في أصحابها الإنتاجية وتطوير المهارات على جميع الأصعدة وأصحابها غير مؤذين لمن يُنافسون، بل يقدمون يد العون ويطرحون الأفكار الإبداعية في حال طُلبت منهم المشورة من منافسيهم.

الغيرة المحمودة هي بساط الريح الذي يحلّق بصاحبه لأعلى نقطة في قمم الجبال لأن صاحبها رفض أن يُشبه غيره فعمل بجد مستثمرًا كلّ إمكانياته، وهذا مايُؤكد بأنّ الغيرة تنبع من حب الذات في جميع الأحوال.

الغيرة المحمودة مشاعر تدق ناقوس الخطر في العقل فيُبدع الإنسان ويرتاد جميع طرق المخاطر والخوف، فيخرج من ظلام الشك إلى نور اليقين.

أما الغيرة المذمومة فهي ناقوس الخطر الذي يدقّ العواطف والمشاعر الغاضبة من نجاح الآخرين، يحفزها لتخرج بعواصف من الحقد والعنف والحسد، تحطم صاحبها، وتؤذي الآخرين.

وهذا ما نلاحظه في الأكاديميات التعليمية وفي التجارة الحرّة.

في المجتمعات التنافسية يُظهر الفرد جميع قدراته عن طريق العمل ويثبت وجوده بإنتاجية أفضل من غيره، فالتنافس والعمل شيئان لا ينفصلان عن الشخصية السويّة أما التقليد الأجوف دون عمل فهو من باب الغيرة المذمومة.

إنّك إذا لم تمدح مُنتجا أو مطعما أو محلّا تجاريّا فلا تذمه لأسباب شخصية، وحقدا على أصحابها وإذا طُلب رأيك في شخص بينكما خلاف فالأفضل إلجام لسانك عن ذكر مساوئه فهذا أمر يتعلق بأخلاقك أنت.

ما أجمل أن يكون النقد بنّاء يُفيد أصحابه ويبصرهم بعيوبهم!

وما أجمل أن تكون الغيرة لإصلاح الذات لا لإشعال حرائق البغض على الآخرين!

أما الأولى والأجدر بمعرفة أسرار الغيرة فهو الطفل في مهد تربيته، يجب علينا تربية أطفالنا على التنافس الإيجابي وإبراز نقاط القوة في شخصياتهم، يجب أن نزرع فيهم ثقافة الغيرة التنافسية، وحب لأخيك ماتحبه لنفسك من الخير والعلم. لتنجز معه لا ضده.

وبهذا ساهمت في خلق المناخ التنافسي بالدعم الذي ملأت به رئة طفلك ليتنفس الإبداع في عمله.

وحسبك أن يكون طفلك مع مرور الأيام قوة قادرة على القضاء على مشاعر الاستسلام، والرضا بما هو دونه.

إن أسمى ماتقدمه الغيرة المحمودة هو الانسجام مع جميع المجتمعات التنافسية مُحققا صاحبها الفوز في كُلّ سباق إيجابي يشترك به وبجدارة.

واستنادًا لما يقوله علماء النفس في شأن الغيرة فإن انعدامها يُشكّل خللا في منظومة الإنسان الناجح وازديادها هو ذلك الشعور المُخيف الذي يؤدي للدمار.