آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 12:02 ص

الحب ورأي الناس فينا

كاظم الشبيب

من طبائع عامة البشر الارتياح لمن يمدحهم فيميلون إليهم، والانزعاج ممن يذمهم فينفرون منهم، بينما موقفهم هو الحياد تجاه من لا يمدحهم ولا يذمهم، وبالتالي فان ميلان ترجيح كفة محبتهم أو كراهيتهم دائماً واردة. أما العقلاء من الناس، ومن يحسنون التعامل مع الآخرين فلهم معاييرهم التي تُفلتر ما يتلقونه من المذمة والمديح بمرونة تؤهلهم لجعل مواقفهم ناضجة. 

فنحن قد نحب الحيوانات والطيور الأليفة، ولكن رغم جمالها وحلاوة عشرتها، إلا أن أحد أسباب ذلك هو انها لا تبدي رأياً فينا بالسلب أو الايجاب في عموم العلاقة بها. وقد يحب البعض التواجد في الأماكن العامة التي لا يعرف أحداً فيها بحيث لا يسمع منهم أي رأي حوله، لا بالخير ولا بالشر. لأن حبنا قد يتأثر برأي الأخرين فينا، كما أن رأينا في الأخرين سوف يؤثر في مستوى محبتهم لنا.  

فما يجعلنا نحب كثيراً أن نكون وسط الطبيعة، رغم جمالها وروعتها، هو كون الطبيعة ليس لها رأي فينا. وعلى المنوال ذاته، فإن ما يجعلنا نحب العزلة أننا لن نجد أحداً معنا يكون له رأى فينا، ويسبب لنا الألم والتعاسة إما بسبب أرائه الوقحة في صراحتها وإما بسبب لا مبالاته تجاهنا. وتمثل العزلة والانزواء والابتعاد عن الآخرين، كما لاحظ فرويد، طريقة من طرائق تجنب الألم الذي يسببه لنا الآخرون، بل هي "التدبر المباشر للاحتماء من الألم الناشئ عن الاحتكاكات الإنسانية. * 

فنحن لا نتحسس فقط من أقوال وتصرفات من يكرهنا مهما صغرت الكلمة الصادرة عنه أو بساطة الموقف المتخذ ضدنا، بل نحن كذلك قد نتحسس من أصغر كلمة وأبسط فعل في الحب والمحبة. وفي المقطع القصير المرفق بعنوان ”كلام الناس“ فائدة من زاوية مكملة للموضوع.:

*ص 243 كراهيات منفلتة، بتصرف.