قفزات
أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي مساحة للمتاجرة بكل عاطفة نقيّة باسم الجديد وكن نفسك وكن كما تريد، فأُريق البصر بتأمل هذا العالم الفوضوي التنظيم، ولو تتبعنا القفزات التاريخية بدءًا بالقفزة العظيمة للبشرية في القرن الخامس عشر عندما اخترع جوتنبرغ وآخرون أول ماكينة طباعة لاختزال المعرفة في إنتاج الكتب والمطبوعات وبعدها جاء فتح جديد للبشرية في عام 1950م وهو الكمبيوتر الذي كان أعظم ما أنتجته العقول البشرية الجبارة، فقد أصبح قوة عظمى تقف وراء كل ما يختزل المعرفة، وهذا التطور التقني أدى إلى تطور اجتماعي وعقلي للإنسان ولكن علماء النفس والباحثين تقاعسوا عن البحث في ماهية تأثير هذا التسارع التكنولوجي على الإنسان، وكيف يستطيع تحمل الضغط الناشئ عنه، فعندما تكون محاطاً بتغيرات سريعة جداً على مستوى التكنولوجيا وحداثة وكمية المعلومات، بالإضافة إلى وتيرة الحياة المتسارعة، هذا الحراك سيكون له تأثير سواء بالسلب أو الإيجاب ويحدث تغيير، وهذا التغير يصحبه تغير سيكولوجي للإنسان يخل في بوصلته حيث إنه عرضة للكثير من المواقف والخبرات الحياتية التي لم يجربها قبل ذلك.
لذلك يجب أن نبحث عن حلول تنقذنا من هذه التكنولوجيا التي أصبحت مسيطرة على حياتنا، فنحن نحتاج أن نعرف مدى التأثير الحقيقي لهذه التكنولوجيا ورصد سلبياتها وإيجابياتها. في الواقع نحن لا نمتلك عصا الساحرة، ولسنا في «بلاد العجائب» ولكني واثقة من وجود علماء سعوديين من الجنسين لديهم من العلم والوعي والرؤى الفكرية ما يجعلهم يرغبون في تهيئة بيئة صحية تبحث في أحوال المجتمع والتغيرات التي تحصل نتيجة للتسارع التكنولوجي، فنحن نحتاج إلى دراسات عن مدى تأثير التكنولوجيا وتسارعها على صحة الإنسان، فمتى ننهي آخر قيلولة للبحوث والدراسات عن طريق الاستجابة لكل ما هو جديد وتأثيره على المجتمع، فالتغيير المتسارع لابد من جني تأثيرها سواء بالسلب أو الإيجاب والدراسات حول أي تغيير في المجتمع يجنبنا خسائر كثيرة قد تحصل مستقبلياً، فالدراسات سلاح نشهره في وجه كل جديد وكل ظاهرة تطل برأسها علينا لتحويلها من شيء سلبي إلى إيجابي، فسلاح الوعي بما يدور حولنا مرهون برغبتنا الحقيقية في التغيير ورصد كل ظاهرة قد لا تناسبنا وكل جديد لا نقوى على صده، ”فعندما تتغير الأشياء حولك فإن تغيراً موازياً يحدث في داخلك“ «كريستوفر رايت».