آخر تحديث: 23 / 4 / 2024م - 9:39 م

أسعار الألبان مسؤولية وزارة الزراعة

علي جعفر الشريمي * صحيفة الوطن

سادت حالة من الاستياء والتذمر الشديدين بين مرتادي موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» قبل أيام، بعد تداول خبر ارتفاع أسعار منتجات الألبان لإحدى شركات الألبان السعودية بنسبة تزيد عن %30، بعد أن رفعت أسعار جميع منتجاتها من الألبان بقيمة بين 0,5 ريال و2 ريال، ليرتفع سعر المنتجات التي يبلغ سعرها 1,5 ريال إلى 2 ريال والمنتجات التي تبلغ 22 ريالا إلى 24 ريالا. وبررت الشركة أن تلك الارتفاعات تعود إلى 3 عوامل منها تكاليف مدخلات الإنتاج، إضافة لرفع أسعار الأعلاف وتكاليف الشحن. مغردو «تويتر» أطلقوا هاشتاقا دعوا فيه لمقاطعة منتجات الألبان لهذه الشركة، واستنكروا فيه ارتفاع الأسعار، وطالبوا الجهات الرسمية بتقنين الأسعار، كما طالبوا بأن التحديات التي يشهدها بعض شركات الألبان لا يجب أن تكون على حساب المواطن. زيادة أسعار شركات الألبان ستشجع شركات الألبان الأخرى في رفع أسعارها وبالتالي ستزيد الأسعار في المقاهي والكافيهات والمطاعم.

وهنا يجب أن نسأل: كيف تدار العملية من المزارع مرورًا بعمليات الحصاد والتخزين والتعبئة وحتى التوزيع؟ كم نسبة الفقد والهدر في منتجات الألبان؟ على أي أساس يتم إنتاج الألبان بكل أنواعها؟ هل شركات الألبان لديها دراسة وافية وإحصائيات وأرقام عن السوق وواعية بمسألة العرض والطلب؟

تقول الأرقام أن الكمية التقديرية للمهدر 125 مليون لتر من الحليب على حسب تقرير اللجنة الوطنية للألبان الطازجة 2017، الموجود في موقع المؤسسة العامة للحبوب، وهنا يأتي السؤال أين نسبة الفقد؟ أعني أن هناك فارقا جوهريا بين الفقد والهدر، إذ يعرف الفقد الغذائي بحسب تعريف وزارة الزراعة والبيئة والمياه بأنه كميات الأغذية التي تتم خسارتها على طول سلسلة الإمدادات الغذائية، أي في مراحل الإنتاج والتوزيع في المزارع والمصانع ووسائل النقل، أما الهدر الغذائي فهو المخصص للاستهلاك من قبل المواطن بشكل مباشر في المطاعم والمنازل والفنادق وغيرها.

أقولي قولي هذا لأن كثيرا من المنتجات الغذائية تصل إلى 20 منتجا نسبة الفقد فيها أعلى من الهدر، أي أن سبب الفقد يعود إلى الشركات الموزعة ذاتها وليس إلى المواطن.

حقيقة أقولها بكل صراحة: لن تتوقف شركات الألبان عن زيادة أسعارها في كل فترة زمنية طالما أنه لا يوجد ضابط، فخلال 6 سنوات الزيادة أصبحت بمعدل %45,5.

الضابط هو وجود شركة حكومية وطنية للزراعة تكون بمثابة الوسيط بين شركات الألبان والمراكز التجارية تماما كما يحصل مع المياه، فالمصدرة للماء هي مؤسسة التحلية، ثم تنقل عبر شركات النقل لشركة المياه الوطنية، ثم توزعها بدورها للمراكز التجارية.

في الحقيقة وجود شركة حكومية للزراعة سيساهم في توازن الأسعار وضبطها، ويساهم في انخفاض الفقد والهدر، شركة وطنية مسؤوليتها حوكمة القطاع الزراعي؛ بحيث توجه شركات الألبان في إنتاج نسب محددة منسجمة مع احتياجات السوق، وتوزعها على نقاط البيع.

أخيرا.. لا بد أن نعترف بأن ثمة عشوائية في موضوع إدارة الغذاء، وتركها هكذا من دون تقنين سيفاقم المشاكل يوما بعد يوم، خاصة في ظل أزمة غذائية عالمية قادمة، وسيتحمل نتيجتها في النهاية المواطن البسيط.