آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 4:55 م

التضخم: هل نحاربهُ بالرقابة أم بالمنافسة؟ «2»

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الاقتصادية

فيما يتصل بالتضخم محلياً، فقد ارتفع هذا العام مؤشر أسعار المستهلك حتى وصل في أكتوبر إلى 3% مقارنة بمستواه في أكتوبر 2021، متراجعاً عُشرّ من واحد بالمائة مقارنة بشهر سبتمبر 2022، ولا يزال منخفضاً مقارنةً بدول مجموعة التعاون الاقتصادي والتنمية «OECD». وعلى الرغم من انخفاض معدل التضخم محلياً مقارنة بالكثير من الدول، فمن المتوقع أن يكون هذا العام عند مستوى 2,6 بالمائة، فيما تشير التوقعات الرسمية إلى تراجعه في العام 2023 إلى 2,1 بالمائة، إلا أن الحرص على كبحهِ عند أدنى مستوى أمر يتفق على أهميته الجميع دونما استثناء، وذلك حفاظاً على جذوة النمو الاقتصادي عند أعلى نقطة ممكنة بما يساهم في تحقيق مستهدفات رؤية 2030.

وفي سبيل كبح التضخم، فقد قامت الحكومة بتعزيز منظومة الدعم والإعانات الاجتماعية من خلال الدعم الإضافي لمستفيدي الضمان الاجتماعي، وبرنامج حساب المواطن، وبرنامج دعم صغار مربي الماشية بالإضافة إلى تخصيص دعم لزيادة المخزونات الاستراتيجية للسلع الأساسية والتأكد من توفرها وذلك لمواجهة تداعيات ارتفاع الأسعار العالمية، فضلا عن مبادرتها تثبيت أسعار المشتقات النفطية.

ولأخذ زاوية أخرى أزعم أن ضبط التضخم ضبطاً هيكلياً يبقى أمراً ليس باليد، باعتبار أنه ظاهرة لها عوامل خارجة عن معطيات الاقتصاد المحلي. ومع ذلك لا مفر من السعي لضبطه عبر حلول“اقتصادية”كآليات السوق وليس فقط عبر دعمٍ قد لا يكون مستداماً، أو فقط عبر إحكام الرقابة وإجراءاتها.

وعلى صلة بالحلول الاقتصادية للتعامل مع التضخم، نعاود طرح السؤال: هل الأهم الوفرة، أم استقرار السعر، أم القدرة على الدفع؟ لعل السؤال غير منطقي للتداخل بين العناصر الثلاثة مما يتعذر معه الاكتفاء بأحدها. ولأغراض النقاش، وإن كان ولابد من تفضيل فهو يتجه بالقطع لاستقرار سعر السلع، فالاستقرار هو مرتكز السياسة النقدية، التي تُقيَّم فعاليتها بقدرتها على ضبط المعروض من سيولة للحفاظ على القوة الشرائية للعملة التي تشترى بها السلع والخدمات، حتى تتحرك تلك القوة بتؤدة، فلا تصعد صعوداً طائشاً يؤثر على التجارة الخارجية ولا تهبط هبوطاً رأسياً يجعل قدرة المستهلكين على شراء - حتى الضروريات - محدودة بما لا تنفع معه الوفرة.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى