آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 7:26 م

التضخم: هل نحاربهُ بالرقابة أم بالمنافسة؟ «5»

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الاقتصادية

السؤال هو: كيف نحارب التضخم دون التأثير على النمو الاقتصادي؟ والإجابة التي نعايشها الآن هي رفع سعر الفائدة، وهي إجابة بحاجة إلى تمعن وتأمل بحثاً عن مخرجٍ يحافظ على النمو وفي ذات الوقت يحافظ على القوة الشرائية للريال السعودي. ما ذهبنا إليه في السرد أعلاه أن الإجابة تختزنها عبارة“إشعال المنافسة”. والقضية هنا ليست محاربة التجار بل إخراجهم من منطقة الراحة والدعة إلى منطقة الدفاع عن مكاسبهم للسعي دون كلل لاستقطاب المشتري. إذن، الإجابة يأتي بها - للحد البعيد - نضج السوق وكفاءته، حيث ان المنافسة المحتدمة تحد من ارتفاع السعر على المستهلك. لكن هذا يُغطي شقاً واحداً فقط، الذي يتصل بالحفاظ على القوة الشرائية، فماذا عن الشق الثاني وهو الحفاظ على النمو؟

تقوم علاقة المنافسة بالنمو الاقتصادي على حرية اختيار المستهلك من أين يشتري بضاعته؛ فإن كان له أن يختار من بين منافسين فإن ذلك في مصلحتهِ ومصلحة الاقتصاد ككل. والسبب أن التنافس بين التجار لاستقطاب الزبائن يرتقي بالإنتاجية. والإنتاجية هي أساس الازدهار الاقتصادي لا جدال؛ إذ أن التحسن في الإنتاجية يعني أن الاقتصاد يولد قيمة أكبر بما لديه من مدخلات عاماً بعد عام ومقارنة بالاقتصادات الأخرى. وعليه، فإن النمو الاقتصادي يعتمد على الإنتاجية، والإنتاجية هي الأساس في تفاوت مستوى دخل الفرد بين الدول، تبعاً لتفاوت مهارة اليد العاملة والتطور التقني وطرق الإنتاج والأساليب الإدارية والخبرة والإبداع.

مما تقدم نحن بحاجة لتحسين المنافسة في الأسواق وللارتقاء بالإنتاجية. فهل هذان كافيان لمجابهة التضخم بما قد يغني عن تضييق السياسة المالية؟ لا، فتضييق السياسة المالية أثره سريع فيما تحسين المنافسة وتطوير الإنتاجية تتطلبان مسارات إصلاحية طويلة المدى.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى