آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 12:27 ص

امسك على“الكاش”! «2»

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الاقتصادية

لماذا أُمسك على الكاش؟ لأن العائد الاستثماري للنقد «الكاش» - بطبيعة الحال - يتحسن مع السياسة النقدية الضيقة، نظراً لارتفاع معدل الفائدة على الودائع، ولاسيما قصيرة الأجل، مما يشجع المستهلكين على الادخار عوضاً عن الإنفاق. ولماذا تفضيل الودائع قصيرة الأجل؟ بسبب أن سعر الفائدة في ارتفاع، إذ من المتوقع أن يتواصل ارتفاعه في العام 2023. وبالتأكيد لا يعني الإمساك على الكاش تخبأتهُ تحت المخدة أو اختزانه تحت البلاطة، بل أن تستثمره، وهناك خيارات عدة لعل المفضل من بينها هو استثمار الكاش في منتج عالي السيولة، بما يحدّ من احتمال تبخر قوتها الشرائية، وأبسط صورة أن تودع احتياجك الحالي للنقد في حسابك الجاري، وبقية السيولة في حساب التوفير، رغم أن البنوك“تعشق”الودائع المجانية، التي تحت الطلب. وكذلك لا يعني امساك الكاش ألا تستهلك، إذ لا مفر من الاستهلاك، ولكن حافظ على مستوى صرفك المعتاد.

يعني، إن كان - فرضاً - متوسط مصاريفك الشهرية 4000 ريال، فعدل في مصاريفك بما يحافظ على مستوى الانفاق دون زيادة إلا اضطراراً. كما أن إمساك الكاش لا يعني ألا تستثمر، لكن استراتيجية الاستثمار وقت النمو واتساع السياسة النقدية «سعر فائدة منخفض» تختلف عنها نوعاً عن وقت التضخم وسياسة نقدية ضيقة «سعر فائدة مرتفع»، كما هو الوضع الآن؛ فالسياسة النقدية الضيقة، سميت ضيقة لأنها تضيّق على السيولة فتجعلها شحيحة فيصبح الكاش عزيزاً تلاحقه البنوك وأصحاب الأصول، فقاعدة امسك على الكاش تنطبق أيما انطباق على التجار وكبار المستثمرين، بسبب أن الأداء الاستثماري للنقد «الكاش» - بطبيعة الحال - يتحسن مع ارتفاع معدل الفائدة على الودائع، مما يدفع أرباب الأعمال والشركات إلى إيثار إيداع النقد الفائض في البنك على التوسع، طمعاً في عائدٍ مغري منخفض المجازفة، نفس الوقت تحيّن الفرص لشراء الأصول المالية أو الحقيقية بأسعارٍ تفضيلية نظير الكاش الذي في أيديهم.

كيف يتأثر الاقتصاد في حال تفشي خيار“امسك على الكاش”عند الأفراد والشركات؟ بإيجاز: مع تفضيل الأفراد الادخار يقل الاستهلاك، وتتجه الشركات للاستثمار في منتجات ثابتة العائد، فيقل ضخ الاستثمار في الأعمال وتوسعها، مما يحدّ من الضخ الاستثماري في الاقتصاد، ويحدّ بالتالي من نمو الناتج المحلي الإجمالي، باعتبار أن هدف السياسة النقدية الضيقة الحدّ من الطلب للحد من التضخم!.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى