آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:00 م

مونديال 2022 استمتعوا ولا تتوقعوا

علي جعفر الشريمي * صحيفة الوطن

الكلمات المحفزة التي وجهها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للاعبي الأخضر الذي يستعد لخوض غمار منافسات كأس العالم 2022 في قطر هي في نظري بمثابة روشتة نفسية للاعبين يمكنني إجمالها في عبارة «استمتع في لحظتك وقلل من توقعاتك»، إذ طالبهم بأن يستمتعوا بهذه المباريات الثلاث، وأن يؤدوا مباريات المجموعة دون ضغوط نفسية يمكن أن تؤثر في أدائهم الطبيعي، مشيرًا إلى صعوبة المجموعة في كأس العالم، وأنه ليس متوقعًا من المنتخب تحقيق نتائج كبيرة، لكن الدعوات معهم، والجميع يتابعون أولًا بأول، وإن شاء الله القادم أفضل.

هذه الكلمات فتحت في ذهني أهمية علم النفس الرياضي خاصة في أجواء المنافسة والضغوط التي يواجهها اللاعبون في بطولة مثل كأس العالم.

فمثلا نجد أن معظم اللاعبين يقضون أوقاتا في تدريبات، الهدف منها تحسين مقدرتهم البدنية والمهارية، بينما لا يخصص حتى القليل من الوقت بهدف تحسين مقدرتهم ومهاراتهم النفسية، رغم أنه عندما تسأل اغلبية اللاعبين عن أهمية المهارات النفسية في مواقف المنافسة، فإنهم يقرون بأن المهارات النفسية لها دور أكبر وتصل لنسبة 90 %، أي يزيد تأثيرها كثيرًا في نجاح الأداء في المنافسة.

والسؤال المشروع الذي يحتاج إلى إجابة هو: كيف تقتنع معظم النوادي والفرق والأجهزة الإدارية والفنية بأهمية المهارات النفسية بينما لا يهتمون بالتدريب عليها؟

تعالوا معي مثلا لمونديال روسيا 2018 حيث استفادت العديد من المنتخبات من وجود «المتخصصين النفسيين» على مقاعد البدلاء، بصورة انعكست بشكل إيجابي على نتائجهم في المونديال. ي

قول لاعب المنتخب الإنجليزي، ديلي آلي، وهو يتحدث عن دور الطبيب النفسي: «قدم لنا الكثير، إنه شخصية رائعة على المستويين الإنساني والمهني، ما يميزه أنه يعلم جيدًا ماذا يريد، ويعلم الكثير من التفاصيل المتعلقة بكرة القدم، وأجواء المنافسة والضغوط التي نواجهها، ننصت إليه باهتمام كبير حينما يتحدث».

اللاعب المصري محمد صلاح لديه طقوس نفسية قبل الدخول للمباريات، حيث يقول في إحدى لقاءاته «أتعامل مع الضغط منذ الانتقال إلى بازل، وبعد انتقالي إلى تشيلسي ورغبة 100 مليون مصري في أن أكون الأفضل في العالم. أشعر بأنني تحت الضغط منذ سنوات لذا أصبحت أفضل في التعامل معه، تدربت على ممارسة عمليات التأمل كثيرًا للبعد عن الضغط، وأحاول دائمًا الابتعاد عن مواقع التواصل وقراءة رأي الناس. أتابع أمورًا بين الحين والآخر، ولكن لا أتعمق في الأمر، ولدي روتين ليوم المباريات دائمًا. عندما أستيقظ دائمًا ما أجلس على الأرض وأغمض عيني وأركز في عملية التنفس وأحاول أن أركز في المباراة وأتخيل ما يريد حدوثه وأعيشه. ثم يجب أن أستحم في الفندق ومرة أخرى في الملعب قبل المباراة».

أحد الأبطال العالميين، كان يعاني من الخسارة المستمرة في المسابقات المهمة، واكتشف أن سبب ذلك أنه يركز على هدف الفوز أثناء المسابقة، وأنه لا يركز على أدائه.

لذلك درب نفسه أن يوجه تركيز انتباهه على الأداء، كيف يستمتع وهو يلعب لا على المسابقة ونتائجها، وكانت النتيجة التحسن الواضح والقدرة على تسجيل أرقام عالمية.

من الأهمية بمكان أن تكون هناك مجموعة من الخبراء النفسيين مع منتخبنا الوطني، بحيث تعقد اجتماعات دورية مع كل اللاعبين بشكل مستقل.

أعتقد أن هذا له انعكاسات مهمة على مستوى اللاعبين ومهاراتهم وحتى على نتائجهم.