آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 11:56 م

فوضى التصريحات من الزيت إلى المياه البلاستيكية

علي جعفر الشريمي * صحيفة الوطن

أشياء مكررة في واقعنا: أن نقرأ خبرًا في وسائل التواصل الاجتماعي عن خبير مختص في أعطال السيارات، يصرح في قناة تليفزيونية وبضرس قاطع أنه لا يوجد زيت - ليس في الخليج والمناطق الحارة - بل في الكرة الأرضية «يمشيك» 10 آلاف كيلو أبدا، ويصرح بأن 7 آلاف هو الحد الأقصى.

وما هي إلا أيام قلائل وترد هيئة المواصفات السعودية، في بيان بعدم دقة التصريحات التليفزيونية المتداولة بعدم وجود زيوت للسيارات قابلة للاستخدام لـ «10» آلاف كيلومتر. ثم تقرأ التعليقات واحد يقول: كلام صحيح من جهة رسمية معتبرة، وآخر يستعين بمقولة «اسأل مجرب ولا تسأل طبيب» ويتبنى رأي خبير أعطال السيارات بأنه لا يوجد زيت 10 آلاف كيلو، والتعليقات تستمر والاختلافات مستمرة. ثم نقرأ خبرًا آخر لأستاذ وعالم أبحاث مختص في السرطانات، يدعو إلى التقليل من عبوات المياه البلاستيكية، واستبدالها بمياه المنازل.

في تغريدة على «توتير»، أنه يجب التقليل من عبوات المياه البلاستيكية، واختيار مطارة ماء مستديمة كبديل أفضل، ويتم تعبئتها من مياه المنزل. ثم نقرأ التعليقات: أحدهم يقول: مستحيل أشرب من الحنفية، وأنا أشوف الغبار والأوساخ والترسبات قدام عيني، وآخر يقول: عجزنا نفهم الصحي من غير الصحي. طبعًا أتوقع أن هيئة المواصفات سترد بعد أيام بأن عبوات المياه البلاستيكية آمنة من الأخطار الصحية.

السؤال المشروع: إلى متى ونحن نعزف على هذه الأسطوانة المتكررة، يأتي خبير ثم ترد عليه الجهة الرسمية؟. صرت أسأل نفسي هل نعشق التكرار إلى هذه الدرجة؟ هل مجتمعاتنا تعشق الدوران في الحلقات المغلقة؟، هل تغيرت المقولة التي تؤكد أن «التكرار يعلم الشطار» إلى «التكرار الذي لا يعلم أحدًا»؟

نعم فقد قالوا لنا إنّ في الإعادة إفادة، ولكننا أصبحنا نتحدث عن روشتة أخطاء متكررة، وردود فعل متكررة، وحلول غير ناجحة متكررة. نكتب التغريدات والهاشتاقات نفسها، ونأتي بالأفعال ذاتها ونختلف في الاختلافات ذاتها وهكذا!

السؤال: كيف نتعلم من الدروس والعبر؟ كيف نسارع في خلق الحلول الصحيحة؟ والحلول الصحيحة لا تأتي من ردة الفعل، ما فعلته هيئة المواصفات، أمر جيد ويدل على متابعة مستمرة، ولكن من الأهمية بمكان لأي جهة رسمية أن تخرج بصفة دورية ومستمرة لوسائل الإعلام، وتبين كل التفاصيل الخاصة، المرتبطة باهتمامات الناس، بحيث لا تعطي فرصة لأي شخص أن يصرح من رأسه هكذا خبط عشواء. وأعتقد أن إدارات الاتصال المؤسسي في الجهات الرسمية، مسؤولة عن تحديد رسائل اتصالية بشكل دوري في جميع المجالات المرتبطة بها، وتمريرها لكل وسائل الإعلام المحلية، لخلق صورة ذهنية إيجابية محددة وبلغة احترافية ومهنية.

وكذلك صناعة محتويات إعلامية وتدويرها للمكتبات التلفزيونية والرقمية.

أخيرًا أقول: البقاء الدائم في منطقة ردة الفعل يخلق بعد فترة زمنية صورة سلبية عن الجهة الرسمية قد يصل أحيانًا إلى أزمة ثقة بينها وبين الجمهور، وربما تشكيك في مصداقيتها وتصريحاتها.