آخر تحديث: 23 / 4 / 2024م - 1:40 م

حقوق كبار السن والمتقاعدين

علي جعفر الشريمي * صحيفة الوطن

قبل أيام وبينما كنت أقلب وأتقلب بين تغريدات «تويتر»، لفتتني تغريدة لأحد الأساتذة الفضلاء يقول فيها: هناك بنك لي معهم ربع قرن وحين طلبت منهم بطاقة فيزا انتظرت أسابيع حتى جاءني رفض الطلب والطريف أن السبب هو «كبر السن»، هذا ما قالته لي مديرة حسابي حين هاتفتها سائلاً عن سبب الرفض!

ولأن ذاكرتي ليست مثقوبة تذكرت سريعا تغريدة لأحد المثقفين الكبار في المملكة يشكو فيها امتناع شركات تأجير السيارات، تأجيره سيارة بحجة أن الشركات تمنع تأجير سيارة لمن تجاوز سن الستين عاماً أو حتى 65 عاماً؟!

في الحقيقة هذا التهميش وإقصاء كبار السن يعد انتهاكا لحقوق الإنسان ومخالفا للأنظمة المحلية في المملكة حيث تنص المادة السابعة والعشرون من النظام الأساسي حقوق المسن حيث نصت على: «تكفل الدولة حق المواطن وأسرته، في حالة الطوارئ، والمرض، والعجز، والشيخوخة، وتدعم نظام الضمان الاجتماعي، وتشجع المؤسسات والأفراد على الإسهام في الأعمال الخيرية».

وعليه يجب على كل المؤسسات الحكومية وغير الحكومية تشريع مواد قانونية تحمي حقوق كبار السن. والمملكة انضمت كذلك لكثير من الاتفاقيات التي تؤكد في موادها على حماية حقوق كبار السن، ونحن نعلم أي دولة طرف تنضم لأي اتفاقية تصبح جزءا لا يتجزأ من تشريعاتها المحلية، والجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت في عام 1991، وثيقة المبادئ المتعلقة بكبار السن ومن ضمنها:

1 - مبدأ «الاستقلالية» وهو حق كبار السن في الحصول على ما يكفي من الغذاء والماء والمأوى والملبس والرعاية الصحية والعمل والتعليم.

2 - مبدأ «الكرامة» وهو تمكين كبار السن من العيش في كنف الكرامة والأمن، ودون خضوع لأي استغلال أو سوء معاملة، جسدية أو عقلية، وينبغي أن يعاملوا معاملة منصفة، بصرف النظر عن عمرهم أو جنسهم أو خلفيتهم العرقية أو كونهم معوقين، وبصرف النظر عن مركزهم المالي أو أي وضع آخر، وأن يكونوا موضع تقدير بصرف النظر عن مدى مساهمتهم الاقتصادية.

إذن ما يحصل يعد تمييزاً عنصرياً ضد الفئة العمرية «كبار السن»، وعليه يعد تمييزا ضد فئة المتقاعدين كونهم فوق الستين، لكن يبقى السؤال المطروح: أين دور الجهات المسؤولة؟ مثل مؤسسة التأمينات الاجتماعية، في تفعيل أنظمتها وإيجاد عقوبات للمتلاعبين بالأنظمة والقوانين التي تخالف مبادئ حقوق الإنسان؟!

من أفضل الدول في العالم التي تحترم كبار السن والمتقاعدين هي النرويج، واحترامهم يأتي باعتبارهم الجيل الأول الذي قدم خدماته وقام بواجباته، ومن هنا فقد تم إلزام الشركات العقارية والاستثمارية والبنوك بالاهتمام بتوفير بطاقات مالية وائتمانية ووحدات الفنادق السكنية الخاصة للمتقاعدين التي تتوافر فيها خدمات 5 نجوم من برك سباحة وصالات ألعاب وخدمات طبية وتمريضية على مدار الساعة، بحيث تصبح المعيشة فيها مريحة وأمينة وصحية وجذابة ومفيدة أكثر من بقاء هؤلاء المتقاعدين في بيوتهم أو بيوت أبنائهم الخاصة، كبار السن عندهم يعتبرون جزءا من الثروة القومية، لخبراتهم وكفاءاتهم ودورهم في بناء المعجزة الاقتصادية والصناعية.

نعم هي عقلية حضارية، وروح اجتماعية، تسعى عبر طرق ومبادرات حضارية، تؤسس فيها المؤسسات لرعاية هذه الشريحة الاجتماعية التي قامت بدورها الوطني، إبان شبابها وقوتها، وحان وقت رعايتهم من جانب مؤسسات المجتمع تقديرا لهم وعرفانا بالجميل عن الأدوار التي قاموا بها في بناء المجتمع والوطن.

نحن في المملكة بأمس الحاجة إلى إعادة النظر في نظمنا الاجتماعية، وأعرافنا السائدة، التي تتعامل مع المتقاعدين، وعليه يجب على كل الأجهزة في المملكة وضع تدابير لحماية هذه الفئة، وقريبا جدا ستصدر الأمم المتحدة بقيادة مجلس حقوق الإنسان اتفاقية خاصة بكبار السن.

”رد التأمينات الاجتماعية: آباؤنا وأمهاتنا لهم فضل في بناء هذا الوطن“