آخر تحديث: 16 / 4 / 2024م - 9:58 ص

الأخطاء الطبية: القضاء والمجتمع

علي جعفر الشريمي * صحيفة الوطن

يقول الخبر إن وزارتي العدل والصحة، أعلنتا قبل أيام عن اكتمال انتقال اختصاصات الهيئات الصحية الشرعية من وزارة الصحة إلى القضاء العام، بعد توقيع مذكرة تفاهم تنفيذية بينهما. في الحقيقة التكامل بين الوزارتين هو خطوة في الاتجاه الصحيح، سوف تسهم في سرعة البت في قضايا الأخطاء الطبية، وتوحيد مرجعية الاختصاص في القضايا إلى وزارة العدل.

قد يقول أحدهم لعل واحدة من سلبيات هذا القرار، هو تضخيم مسألة الأخطاء الطبية وانتقالها للقضاء، سينعكس على الأداء الطبي، وبالتالي سيفكر الطبيب ألف مرة قبل إجراء أي عملية صعبة ومعقدة، خوفا من الوقوع في تهمة الأخطاء الطبية، والنتيجة ستكون اكتفاءه بإعطاء المريض بعض الأدوية العلاجية.

في الواقع السؤال المفتاحي هنا، ما هي الجهة التي تقرر الخطأ الطبي، وما نوعية الأطباء المقررين للخطأ، هل هم على كفاءة عالية أم متوسطة أم متدنية؟

التكامل بين الوزارتين يعطينا الإجابة عن السؤال، وهو أن قرار الخطأ الطبي من عدمه سيحال إلى خبراء في المجال الطبي، هم من سيقررون تفسير الخطأ الطبي، وليس كما هو موجود الآن يأتي المريض وأسرته ويقومون بتشخيص الخطأ الطبي، ثم يتعاون معهم الإعلام كوسيلة من وسائل الضغط. المسألة ليست بهذه الطريقة الاعتباطية، فتفسير الخطأ الطبي أمر معقد جدا وليس بهذه السهولة، ثانيا: المساحة التي تعطى للطبيب وما يتخللها من روح المغامرة والإبداع لعلاج المريض، أمر يدركه الخبراء الممارسون في منظومتنا الصحية، إذ نص نظام مزاولة المهن الصحية الصادر عام 1426 الموافق ل2005 في مادته السابعة والعشرين عن الخطأ الطبي، وحدده في عدة أمور، «الخطأ في المعالجة أو نقص في متابعة العلاج. جهل الطبيب بأي من الأمور الفنية التي يفترض فيمن كان مكانه الإلمام بها، إعطاء المريض دواء على سبيل الاختبار، إجراء أي من العمليات الجراحية التجريبية غير مسبوقة على الإنسان، بمخالفة القواعد التي تنظم ذلك، إجراء البحوث العلمية غير المعتمدة أو تجارب على المريض، استعمال الأجهزة الطبية والآلات دون علم ودراية كافية بكيفية استعمالها أو دون اتخاذ الاحتياطيات الكفيلة بمنع حدوث ضرر جراء هذا الاستعمال، ألا تتم استشارة الشخص الذي تستدعي حالة المريض الاستعانة به، والتقصير في الإشراف والرقابة».

خطوة انتقال الأخطاء الطبية إلى القضاء، يجب أن تتبعها خطوة أخرى أجدها مهمة جدا، وهي إنشاء جمعية جديدة باسم «الجمعية السعودية للحماية من الأخطاء الطبية» تهدف إلى الوقاية والحماية من الأخطاء الطبية، وتعزيز واحترام حقوق المريض، والتوعية بالمعايير المهنية والأخلاقية والأحكام التشريعية والقانونية ذات العلاقة، إضافة إلى أنها تقدم للمجتمع برامج تدريبية وتعليمية وقانونية للأسر والأهالي والشباب، في كيفية التعاطي مع الأخطاء الطبية ومعرفة الإجراءات المتبعة في تقديم الشكاوى، وتنظم الندوات والدورات المتخصصة، وتعقد لقاءات دورية مع المحامين المختصين في الأخطاء الطبية، وتقدم لهم الاستشارات المتخصصة، وتوفر المستلزمات كلها لهم.