آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 3:01 م

هل انتهى الحب..؟

الدكتورة زينب إبراهيم الخضيري * صحيفة الرياض

أتساءل كيف تمكن الشعراء من الاحتفاظ بجمرات الحب داخل قلوبهم دون أن تحرقهم أو تنطفئ، فقد آثار الشعراء حفيظة العقلانيين حينما جنحوا نحو العاطفة واستشعار جمالها ووضعوها في هذا القالب، حيث الصراع الأزلي بين العقل والعاطفة، فالعقل لا يستطيع أن يُحسّ ويستشعر الجمال بالوجود، هو فقط مرشد مثل النجم القطبي في السماء، أو يعمل كناسخ ضوئي ينقل الصور للقلب فيستشعرها وينعم بجمالها، فدرجة الإحساس بجماليات المشاعر والإيمان بأهمية الحب تختلف من إنسان لآخر، فهناك من لم يدرس الفلسفة ومن لم يفهم التحليل النفسي، كذلك لا يستطيع فك شفرة رموز محمود درويش أو حتى تفسيرها، ولا يستطيع أن يقرأ نوتة واحدة لبيتهوفن أو فاغنر، ولم يشاهد لوحه لبيكاسو أو رامبرانت، ومع ذلك لدية حسّ عالي في التعامل مع الأشياء الجميلة من حوله ولدية قدره عالية على تذوقها بشكل مميز وتقييمها، وإذا كنا نستطيع أن نتعامل مع الأشياء بلغة علمية مرتكزة على نظريات وبشكل مجرد، فنحن لا نستطيع أن نتحدث عن المشاعر بذات اللغة ونقيسها بالمسطرة والقلم، كذلك من الظلم أن نتعامل مع أنفسنا بمنطق جامد صرف، فقراءة الإنسان في عمقه الحقيقي مطلب وليس رفاهية للتعرف على توجهات بوصلته من أجل التعامل معها لنحسّن من طريقتنا في التعامل مع الحياة، والحب أحد أشكال العلاقات الإنسانية وهو نابع من عمق الإنسان الحقيقي، فهو ليس حالة عارضة أو وعكة صحية يمر بها الإنسان ويتعافى منها، هو حالة نفسية وعقلية تدوم معنا طوال حياتنا ولكن بدرجات متفاوتة، وهو في الحقيقة من خواص الإنسان الطبيعي، ومن امتيازاته حيث إن مشاعر الحب تبقى فوق القياس والتجربة، فلكل مرحلة عمرية مشاعرها ولا يمكن النظر إليها من زاوية واحدة، فلغة الحب فطرية وليست صناعية، وكلما كان الإنسان أقرب إلى طبيعته الفطرية حيث الصفاء والنقاء والتلقائية كلما تواجد الحب بقلبه بكثرة وأدرك أهمية الحب، وبقدر حظ الإنسان من فطرته الأولى سيدرك الحب الحقيقي، وكلما كانت مشاعرك أقرب للطفولة أي أقرب للفطرة بعفويتها وتعبيراتها وانفلاتها من قيد عالم الكبار كلما أحببت بشغف وانطلاق ومتعة تضاهي كل جمال، فالحب هو إحياء للطفولة التي ماتت فينا بفعل طاحونة الحياة المعقدة التي دهستنا تحت عجلتها وأفقدتنا معنى أن نكون نحن، الحب سواء حب العائلة أو الأصدقاء أو حتى نعمة حب الحياة والتمتع بها هي مشاعر جديرة بتقديرها والاحتفاظ بها في حياتنا فهذه المشاعر هي التي تحمينا وتقوينا وتساعدنا على اجتياز أي تحديات أو عقبات نواجهها في الحياة.