حضور الوعي....!!
كيف يمكن أن نكون واضحين، ونقرر ما نريد دون الرجوع لمنظومة تعطينا كتالوج لكيف نعيش، وكيف نتحدث، وكيف نعمل، وكيف نتعامل مع الآخر؟ كيف يمكن أن يحضر الوعي؟ ويتحرر الإنسان من كل القيود المحيطة به، ليفرض سلطته المعرفية؟
بالمختصر كيف نكون أفرادا طبيعيين، أحرار ومتحررون من الآخر؟ ناسين أو متناسين أن الآخر قد يعكس صورتك الداخلية تجاهه، قاطعين كل حبال الود معه، وحتى الآن لم نتجاوز العيش بعيدا عن الآخر وإقصائه تماما إن لم يكن يشبهني على الصعيد الفكري، العقدي، والسلوكي، فهو ضدي، يقول الناقد والمفكر علي حرب:
«إننا نشهد ثورة معرفية لا سابق لها، يتجلى ذلك في خريطة الحدود وقلب المفاهيم ونبش الأصول وزحزحة الإشكالات وتفتيت الهويات وتفكيك المعاني وتفجير الخطابات وزعزعة اليقينيات» فكل ماحولنا يدفعنا للتغيير إما بالسلب أو الإيجاب، كل شيء يتحرك بتسارع وتداخل، وفي عصر العولمة حيث نسير نحو ثقافة عالمية واحدة تحوي بداخلها ثقافات ذات نسيج متعدد تفرض علينا التمعن والتدقيق في ذواتنا وكيف تكون..! فالسلسلة التي تربطنا مع أنفسنا يجب أن تمتد إلى الآخر واحتواء اختلافه لتوكيده في مجتمع يحوي بين طياته إشكاليات مفتوحة كالجرح، التساؤل الذي يلتصق بعقولنا كالعسل في عصر «فرط الاتصال» «وثورة المعلومة» و«ثورة البشر» ما هو الشيء الغير قابل للاختراق في حياتنا، وما الذي يدفعنا لقرض شرنقتنا والهرولة نحو الآخر؟ ففي كتاب ”حدود الحربة“ لـ ”إيزيان برلين“: «أرغب قبل كل شيء أن أكون مدركاً وشاعراً بوجودي كمخلوق مفكر ونشط يتحمل مسؤولية اختياراته وقادر على شرحها وإيضاحها بالرجوع إلى أفكاره وأهدافه الخاصة التي يرغب في تحقيقها ويشعر أنه حر بالدرجة التي تساعده على الاعتقاد بأن هذه هي الحقيقة، وأنه مستبعد بالدرجة التي تجعله يدرك أنه في حالاته لا تمت إلى الحقيقة بشيء».
قد تكون فلسفة الهوية هي إحدى قوارب النجاة التي تدفع بنا إلى العبور نحو الآخر تحت مظلة القبول، وهنا سننفذ إلى دوائر أكثر اتساعا ووعياً وأكثر رحابة وثقة بأنفسنا وبالآخر، تجعلنا نتقمص القدرة على الإحساس والتحليل الدقيق لكل ما يدور حولنا، حتى لا نتحول إلى شخصيات تتصف بعمومية الطرح.