مشاعر وقورة؟
كلما أمعنت التدقيق والتحقيق في روحي أشعر بالتيه وأتشظى ما بين روح متصلبة وأخرى منزلقة نحو المرونة، فمنذ زمن طويل أحاول استشعار مكامن الخلل في روحي وسلوكياتي، وأبدأ بصياغة بعضاً من انفعالاتي النفسية التي لا تتردد ولا تهدأ من محاولتها اختراق محيطها، ربما هو ”مبدأ المغامرة“ والبحث عن التجديد والروتينية التي تصيب روحك حد التكلس والجمود، فالإنسان غالباً ما يجتهد في إضفاء الحكمة والبهجة والمرح على تفاصيل حياته، لأننا في الغالب نبحث عمن يشاركنا مشاعرنا، فتفاصيل الحياة تكمن في لحظاتنا الجريئة والمملة، التافهة والعميقة، الفرحة والحزينة، في لحظات الشر والخير، ولكن الملاحظ أننا في الغالب نحصر أنفسنا وحياتنا في لحظات الحزن؟ قد أسميها ”فوضى نفسية“ تجتاح أنفسنا كالطوفان ولا نملك لها أي تفسير.. السؤال هل هي عادة أن تكون حزينا وتتظاهر بالحزن؟ لكن لماذا نختار لحظات الحزن، وهل هي خاضعة لـ اللحظة أم للمخزون النفسي، الأكيد أن هذه التفاصيل لا تخضع للتصنيف ولكنها قد تكون عادة ناتجة عن موروث شعبي ضد الفرح، فالمشاعر النبيلة التي يجب أن نعيشها بتفاصيلها تتعارض مع الصوت الداخلي الذي يقول بنبرة حادة ”إن بعد الفرح حزن مؤكد“، الغريب أن لدي فضول جامح لمعرفة تفاصيل هذه المشاعر التي يعتبرها البعض ”مشاعر وقورة“ مهما كلفني الأمر..! وأظل أتساءل ما الملامح التي تميز مشاعري الحزينة عن الآخر.. وماهي لحظة العبقرية التي من خلالها نتماهى مع تفاصيلنا الموجعة والحزينة والتي نفضلها عن غيرها من أنواع المشاعر ولا نقبل لها بديلا، ولماذا نجلد أنفسنا بالحزن طوال الوقت؟ الحزن هو الحزن دائماً وبديله الفرح، ولا يجب أن نعتمد هذه الثقافة فالشارع حزين والبيوت حزينة ومدهونة بلون يكاد يكون واحدا والشارع صامت إلا من هدير محركات السيارات.. لماذا نجمع كل هذا البؤس والحياة مليئة بتفاصيل فاتنة هكذا يتساءل بعض البشر، إلا أن الغرابة وصلت لوسائل التواصل الاجتماعي حيث لا يتفاعل معك الآخرون إلا عندما تكتب كلمات حزينة، أو تكتب عن موقف حزين مر بك..! اتساءل هل الإنسان كائن مجبول على الحزن فعلاً؟