مشاعر اللحظة الراهنة
تواصل المشاعر تكرار نفسها، المشاعر الوحيدة التي تلاحقنا طوال حياتنا، متخذة من نفسها بطلاً حقيقياً، ونضطر أحياناً إلى إدراج أشياء غريبة تحددها مشاعرنا، وماهو إلا مسألة لتداعي الذهن، فيتحرك الدماغ في دوامة ويغرق معها، هذه المشاعر التي تلتقط الألم والحزن الذي يبقى مُرّاً في الذاكرة ولكنه أحياناً يخلق قوة بداخلنا تجعلنا مختلفين، فالألم غالباً يجعلنا أقوى ونفكر بطريقة مختلفة، فكل إنسان له نصيب من الألم في هذا العالم، إلا أن البؤس هو ما قد نخلقه نحن لأنفسنا أو قد يخلقه الآخر لنا، والذي باستطاعتنا التخلص منه، وفي خطاب حول البؤس ألقاه فيكتور هوغو في الجمعية التشريعية الفرنسية قال فيه: «أنا، أيها السادة، لست ممن يعتقدون أّنه بالإمكان إزالة الألم من هذا العالم، فالوجع قانون إلهّي. ولكّنني من بين الذين يعتقدون ويؤّكدون أّنه يمكننا القضاء على البؤس. لاحظوا جيدًا، أيها الّسادة، أّني لا أقول التخفيف منه ولا التقليل ولا حصره ولا الحد منه. «وإّنما» أقول القضاء عليه».
وأتفق مع هوغو في حديثه، ولكن هل جميعنا نمتلك الأدوات للقضاء على البؤس الذي قد يخلقه غيرنا لنا؟ ولا ننسى الملقب بأديب البؤس «شارلز ديكنز» الذي ذاق مرارة الفقر وويلاته وعاش التفكك الأسري والضياع والرفض من أسرته وقد صور حياته المضطربة والمليئة بالإحباطات في روايته «ديفيد كوبرفيلد»، ومع كل التراجيديا التي عاشها في حياته إلا أنه كان متفائلاً وحالماً بامتياز، وكان لديه حدس خفي أنه سيصبح شخصاً غنياً ومشهوراً في يوم ما وكان له ما أراد في حياته، حيث إنه قبل موته أصبح أشهر رجل في بريطانيا، ومسرحياته يتسابق الناس عليها وكلماته تجري أمثلة على ألسنة الناس. ومثله الكاتب المعروف ‹›لوي تولستوي›› مؤلف كتاب ‹›الحرب والسلام›› طرد من الجامعة، ووصف بأنه غير قابل للتعلم، إلا أنه أصبح من عظماء الكتاب، والحقيقة أنهم أشخاص يؤمنون بأنفسهم وأن لديهم قدرات، وأحلام كبيرة هؤلاء انساقوا وراء أحلامهم وعاشوا بها، يقول والت ديزني: «إذا استطعت أن تحلم بشيء فسيمكنك تحقيقه».. فالأحلام هي التي تجعلنا عظماء، وإذا استطعنا مطاردة أحلامنا بالتأكيد سنحققها ونتغلب على البؤس الذي نعيشه في حياتنا حتى لا تكرر الحياة نفسها.