شكونا إلى أحبابنا طولَ ليلنا.. من أوراقِ الخريف!
شكونا إلى أحبابنا طولَ ليلنا ** فقالوا لنا ما أقصرَ الليلَ عندنا
وذاك لأن النوم يغشى عيونهم ** سريعًا ولا يغشى لنا النومُ أعينا
إذا ما دنا الليلُ المضرُّ بذي الهوى ** جزعنا وهم يستبشرونَ إذا دنَا
فلو أنهم كانوا يلاقونَ مثلما ** نلاقي لكانوا في المضاجعِ مثلنا
أوّل أبيات شعر حفظتها في سنواتٍ مبكرة من عمري لشاعرٍ مجهول! آنذاك لم أشتكي من طول الليالي. أنام دون انقطاع ولا أصحو إلا حين تصحو الشمس! أجري مثل حصانٍ وأنام مثل دب!
نصيحة في همسة للشبّان والشابات: استمتعوا بطول الرقادِ في ليل الشتاء، ويخبئ الله لكم أجملَ الهدايا حينما تستيقظون بعد نومٍ طويل هانئ، تصلون الصبح وتشكرون اللهَ على هذا الفصل الجميل من السنة، فيه راحة البدن والنفس. كنا شبَّانا أمثالكم ومرت علينا الليالي الطوال غافلون!
يشكو نحو نصف كبار السن من مشكلات تقطع النوم والأرق بصورة مضرة مع التقدم في العمر. كبير السنّ، ساعة توقظه حاجات الجسد وأخرى توقظه حاجات الفكر، وهكذا حتى ينقضي الليلُ كله! لا ريب أن أغلبنا - الرجال - إذا قارب الستين سنةً قلَّ نومه وزادت حاجته للاستيقاظ ليلًا! وأنتم تعلمون لماذا؟
القراء الكرام، الرجاء من الله أن تطول أعمَاركم فوق المائة سنة! خريف العمر - ما بعد الشباب - إذا جاءَ جاءَ بأحمالِه وأثقالِه الثقيلة، لا يغرنكم خرط الحديث كثيرًا عن جماله إلا مع الصحّة والعافية. وفينا من لا يهتم بجودة الحياة، يشتكي ويتأفف ويقرف من حوله دون أن يصنع لنفسه شيئًا! يا عمّي، يا سيدي لا تمت قبل موتك! يقول لك: أنا سوف أموت!
يصبح الموقف خطيرًا إذا فقدنا الرغبةَ في تحسين جودة حياتنا بينما قد يكون على يد الطبيب الراحة! قال موسى 
: ”يا رب من أين الداء؟ قال: مني، قال: فالشِفاء؟ قال: منّي، قال: فما يصنع عبادك بالمعالج؟ قال: يطيب بأنفسهم فيومئذٍ سمي المعالج الطبيب“.
قبل أن أقول لكم وداعًا، ليس معنى الكلام عن فصل الخريف ومتاعب فصل الخريف أنّ حياتنا انتهت وبيننا وبين القبرِ شعرة! هذه عقدة لا بدّ أن تختفي ونخلص منها. كلنا عندنا آمال ومطامح أن تطول أعمارنا في الخير والصلاح! هذا يريد أن يحجّ ويزور، ثانٍ يريد أن يزوج أحفاده، وآخر يريد أن يعمر بيتًا. الأعمار بيد الله سبحانه وتعالى! قانون الموت عام وشامل للجميع: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ﴾ ، لا يستثنيك ولا يستثني غيرك!
