آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 2:34 ص

تجذير أم أنسنة الهويات؟

كاظم الشبيب

مما يثير بشدة فيجلب الحب، أو يستفز بقوة فيبث الكراهية، هي حالة الاصطفاف مع أو ضد هذه الهوية وأهلها أو تلك الهوية وأهلها. هي حالات من الاصطفاف العفوي، أو الأعمى، أو الموجه، أو المنطقي والطبيعي. ومهما كان نوع الاصطفاف فهو تدافع بشري نحو الخير ما دام لا يثير الكراهية ولا يحيي نزعة العدوانية. إذ يلاحظ أن النزعة العدوانية تظهر عند أمة أو شخص عبر المحاولات الفعلية، اللفظية أو الهوامية، إلحاق السوء أو التدمير، الإذلال أو الأذى، التسفيل أو الإهانة، لا تتمظهر النزعة أو النزعات العدوانية على شكل واحد عام: فهي قد تكون فعلية واضحة، كما قد تكون في حالات أخرى كثيرة سخرية ساخرة، أو احتقاراً، أو امتناعاً عن إقامة علاقة صحيحة وحتى عن تلقي أو تقديم مساعدة... ولعل ارتباطها بالجنسي شديد الوضوح والشيوع في أسلوب الشتائم واللعن «شتم الأب أو الأخت، في التراث الإناسي العربي»، وفي الحالات الانتقامية المرضية أو الفضائحية.*

نحن نعيش مرحلة تاريخية تمر بها الأمم والشعوب حيث يتنازع الحال في كل أمة بين السعي لتجذير هويتها الذاتية أو العمل على توسيع أنسنتها. فهنا تعلو دعوات إلى تعزيز الثقافة الخاصة بالهوية والمحافظة عليها من التأثر بثقافات الغير، لا سيما مع وجود نزعة عدوانية ضد هذه الهوية. وهناك دعوات تعلو إلى تخفيف الثقافة الخاصة لمصلحة التعايش مع الهويات الأخرى، لا سيما مع وجود دعوات وطنية للتعايش.

وما بين التطرف في الدعوتين - التجذير والأنسنة - تأتي مساحات من الاجتهادات للناس والجماعات وأهل كل هوية. وأسوء تلك الآراء ما يراد منه محو هويات الغير. فمن الخطأ المطالبة بإلغاء أي هوية مهما قل تعدادها أو ابتعدت في فكرها... فأي جماعة ما لم تتآكل طبيعياً فإن العمل على إلغائها إنما يزيدها عناداً وقوة واستمراراً. وما بين تلك الاجتهادات تتوزع مواقف الأمم بين الحب والكراهية. وفي المرفق إفادة للموضوع: مقولتان عن الكراهية والحب والحياة:

?v=v5G91JsKt34

*ورقة بعنوان المنجرح في علاقة الذات والآخر للكاتب علي زيعور ص52، تساؤلات حول الهوية العربية، مجموعة من الكتاب.