آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 9:00 م

هل نضبط نزعة الكراهية؟

كاظم الشبيب

لا بد لنا من ضوابط لنزعة الكراهية، لا سيما في زمن سرعة تناقل المعلومات، وقوة تأثير الكلمة والصورة السريعين، مع تصاعد الأصوات العنصرية المنادية بالمحافظة على خصوصية الهويات في أرجاء المعمورة، مما جعل قرون الاستشعار شديدة الحساسية عند أهل كل هوية فتثأر لنفسها وأهلها بكل وسيلة متاحة لمن يتعرض لهويتها بكلمة عابرة، أو حتى بعبارة من أغنية، فمن الممكن أن تتحول تلك الكلمة أو العبارة إلى ملف مثير للجدل أو للاحتجاجات أو لما هو أكبر من ذلك، لنأخذ المثال التالي الذي حدث قبل خمسة عشر سنة:

حصل هذا مع أغنية هيفاء وهبي التي تضمنت عبارة ”دبدوبي والقرد النوبي“ والتي جاءت على لسان طفل يشارك هيفاء وهبي في أداء الأغنية. هذه العبارة كانت كافية لإثارة غضب النوبيين وغليانهم، وفوراً تسارعت التحركات الشعبية والنيابية والحقوقية في مصر، فقررت الجمعية المصرية للمحامين النوبيين رفع دعوى ضد هيفاء وهبي وضد كاتب الأغنية بتهمة السب والقذف، ودعوى لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لمنع تداول هذه الأغنية، ومنع إذاعتها في جميع القنوات الفضائية والأرضية، متهمين هيفاء وهبي بتعمد الإساءة إلى النوبيين. كما قام وفد من النوبة بصحبة عضو في مجلس الشعب المصري بلقاء رئيس الرقابة على المصنفات لحثه على اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع هذه الأغنية. وأكثر من هذا فقد نقلت بعض الأخبار أن ثمة عدداً كبيراً من الأطفال النوبيين تغيبوا عن المدرسة، بسبب التهكم الذي يلاقونه من زملائهم بسبب عبارة ”القرد النوبي“. هيفاء وهبي، من جهتها، سارعت إلى الاعتذار من النوبيين وأبدت أسفها لهذه الإساءة التي لم تكن متعمدة، ووعدت بحذف هذه العبارة من الأغنية.*

تنوعت ضوابط كبح جماح نزعة الكراهية من بلد إلى أخر، ولكنها بحاجة إلى جرعات أكبر. فلكل بلد موازينه المعنية بطبيعته الاجتماعية وبتركيبته السكانية، إلا أن المنظور الإنساني يجمع على الارتقاء بالمجتمعات نحو أنسنتها دون التعرض لعناصر الهويات ما دامت تتناغم مع الروح الوطنية العامة. ومن الدول العربية التي أبهرت العالم في ضبط كوابح الكراهية سلطنة عمان، وفي المقطع القصير المرفق إشارة لذلك، بعنوان: عقوبة إثارة الكراهية والبغضاء:

*ص ??-?? كراهيات منفلتة