آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 2:34 ص

سهولة إثارة الكراهية

كاظم الشبيب

قد تنزعج أمة كاملة بسبب مواقف صغيرة ولكنها خطيرة على الناس. كلمات قصيرة قد تحول المحبة إلى كراهية، أو تعليق غير مقصود قد يحول الكراهية إلى محبة، أو إشارة رمزية باليد ربما تثير الكراهية بين شعبين كانا متعايشين قبل أيام أو ساعات فقط. هي إثارات لكراهيات عريقة في التاريخ البشري، لنأخذ المثال التالي:

كان جون دونالد إموس كاتباً أمريكياً معروفاً وصاحب مشاريع خيرية لصالح الأطفال المصابين بالسرطان وأمراض الدم الخطيرة، وفضلا عن هذا، فهو مذيع مشهور في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي بلاد عرفت تاريخاً مريراً من العنصرية الكريهة ضد السود، وتكاد تكون الدولة الديموقراطية الوحيدة في العالم التي يؤمن التعديل الأول للدستور فيها حماية شبه مطلقة لحرية التعبير حتى لو كان تعبيراً عن الكراهية. إلا أن كل هذا لم ينقذ إموس من مواجهة مصيره بسبب تعليق مسيء بحق النساء السوداوات. ففي 4 أبريل 2007 التقى فريقان في مباراة كرة السلة للسيدات، وكان إموس مستغرقاً في التعليق والنقاش التهكمي حول - هذه المباراة، وفي هذا النقاش صرح بتعليقات مسيئة وبأوصاف مؤذية بحق فريق السيدات السوداوات اللاتي كن يمثلن جامعة روتجرز في هذه البطولة. لم يكن يدور في خلد إموس أن هذا التعليق التهكمي سيتسبب بضجة كبيرة لن تنتهي إلا بإيقافه المؤقت عن العمل ووقف برنامجه، ثم بفصله نهائياً من هذا العمل. لقد تسبب هذا التعليق بضجة كبيرة، وفي خطوة تصعيدية أعلنت سبع شركات مهمة «من بينها جنرال موتورز وأمريكان إكسبرس» عن سحب فوري لإعلاناتها من المحطة، وعن وقف مؤقت لهذه الإعلانات عن برنامج إموس، فيما أعلنت شركات أخرى أنها ستعيد النظر في إعلاناتها لدى المحطة وأنها غير متأكدة الآن من تجديد إعلاناتها في برنامج إموس. لم يكن أمام هذا الأخير سوى المسارعة لإصدار بيان يعتذر فيه عن ذلك التعليق، ويصرح بأنه يتفهم غضب الناس من التعليق الذي وصفه هو نفسه بأنه عديم الإحساس ومؤذ وغير مناسب وطائش وغبي. في 9 أبريل ظهر إموس على أحد البرامج الإذاعية ليوضح موقفه من كل هذا، فقال: ”كانت خطتنا أن نكون هزليين، وأحياناً نذهب بعيداً في هذا الهزل، وهذه المرة ذهبنا بعيداً، إلا أني تعلمت أنك لا تستطيع أن تكون هزلياً مع كل الناس؛ لأن بعض الناس لا يستحقون ذلك“ [1]  لأننا، بحسن نية أو بسوء نية، قد نثير الكراهيات العريقة في تاريخ البشرية: مثل الكراهية ضد اليهود، الكراهية الصليبية، ومعاداة السامية في ألمانيا، ولنضف إليها العنصرية ضد السود، [2] 

في المقطع المرفق فائدة مكملة للموضوع من زاوية علاجية بعنوان: التخلص من كراهية الآخرين:

[1]  [2]  بالتوالي: ص93 - 94، وص 101 كراهيات منفلتة