آخر تحديث: 26 / 4 / 2024م - 4:16 م

هل يمكن حب كل الناس؟

كاظم الشبيب

يستصعب كثير من الناس أن يحب كل البشر. بل بعضهم قد يستحيل عليهم ذلك. فلا يتمكنوا أن يكونوا كرسول الله ص رحمة للعالمين، بل ككل الأنبياء والرسل الذين ما أرادوا إلا صلاح البشرية وخيرها. هؤلاء الناس يعدون ذلك الحب مجرد نظريات لا واقعية لها في الحياة العملية واليومية. فقسم من الناس، في كل انحاء المعمورة، اعتادت عقولهم، وبالتالي أنفسهم، وكذلك جوارحهم وسلوكهم، اعتادت على فرز الناس بين قريبين وبعيدين، بين أقرباء وغرباء، بين حلفاء وأعداء، بين محبوبين ومكروهين، حينها، لا مجال عندهم لمحبة كل الناس وجميع أهل الهويات المختلفين عنهم.

 أن تقابل كل الناس بحب دون مقابل، ودون سابق معرفة، تبتسم لهم وإن تجهموا، صدرك رحب لهم وإن عبسوا، بل تتمنى لهم الخير والسعادة وإن ضايقوك، فتلك قمة التعالي على نرجسية الذات وأهواء الأنا. هذا الحديث غير منحصر علينا كأفراد، بل هو أعم وأشمل، لأن الأنا الفردية والجماعية تعانيان من ذات الحال، صعوبة حب كل الناس وكل أهل الهويات المختلفة. فالذاكرة الجماعية اعتادت على مرض الفرز السلبي للهويات وأهلها.

يحاول كتاب ”الحب والإيمان عند سورن كيركجورد“ تناول زاوية من هذا الموضوع الشائك، فيقول: في عالمنا المعاصر، يدعى الناس لأن يظهروا المحبة لأناس لم يعرفوهم من قبل على نحو شخصي. إننا نصبح على وعي بوجودهم في عالم يصغر باستمرار، كيف يمكننا إظهار حب كهذا؟. أحياناً يمكننا فعل ذلك بالتعاون مع الآخرين. ليس بوسعي أن أحب كل أفغاني كفرد، ولكن بوسعي أن أبدي الاهتمام فيما لو تعرض الأفغان للظلم، وأسعى لدعم سياسات الحكومة التي تحاول رفع هذا الظلم. يمكنني أن أعمل مع الآخرين في كنيستي أو في منظمات خيرية أو منظمات إغاثة وتنمية لأسعى في تقديم المساعدة لمن يعانون، حتى وأنا لا أعلم من هم هؤلاء الناس. وفي النهاية، يمكنني على الأقل وبمعنى ما أن اصطف مع الخير، وأعبر رمزياً عن اهتمامي بالآخرين ورغبتي في المساعدة متى استطعت ذلك.

وفي المقطع المرفق وجه مكمل للموضوع بعنوان: حب الناس.

*كتاب ”الحب والإيمان عند سورن كيركجورد“ ص 129