آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 5:37 م

هل يمكن إشباع الحب والكراهية؟

كاظم الشبيب

المحب لا يشبع من الحب والمحبة. والكاره لا يستطيع أن يشبع من الكراهية. فكلاهما مستغرقان في حال يصعب إيقافه. فقلب المحب هائم فيمن يحب، وقلب الكاره مسكون بمن يكره. فحالهما أشبه بالثمل الذي لا يعي أنه ثمل. لذلك هما يعيشان في عالمين وبيئتين وحياتين مختلفتين في كل شيء، الحواس، الأفكار، التطلعات، النشاطات، الإقبال، الإدبار، بل حتى على طبيعة الاستقرار النفسي والأمان الاجتماعي. فلكل واحد منهما عالمه الذي لا يلتقي مع عالم الآخر. فنجد المحبين يتعجبون من حال الكارهين. والكارهون بدورهم غير مصدقين لحال المحبين. لأن القلوب إذا امتلأت بالحب فلا مكان فيها للكراهية. أما إذا امتلأت بالكراهية فلا مكان للحب فيها.

وللتأمل بعمق في الأمر نقول: ثمة حكاية قديمة كيف أن ملكاً أراد في أحد الأيام أن يحقق رغبة درويش «صوفي». طلب الدرويش من الملك أن يملأ له طاسته بقطع من الذهب. ظن الملك أن هذا الأمر سهل وراح يتطلع بلهفة وشوق للفرح بسبب امتلاء الطاسة. ولكن الطاسة كانت من النوع السحري، ولذلك لم تمتلئ نهائياً. بل كانت تصبح فارغة أكثر كلما وضع فيها ذهباً أكثر. بدأ مزاج الملك يفسد وشعر بالحنق فقال له الدرويش: أيها السيد، إذا كنت غير قادر على ملء هذه الطاسة، يكفي أن تقول ”أنا لا أستطيع“ وحسب، وسوف أخذ طاستي وأخرج. أنا درويش، سوف أذهب وسأعتقد ببساطة أنك لم تتمكن من الوفاء بوعدك. على الرغم من نبل الملك وحسن نواياه، وبالرغم من كرمه وسخائه لم يكفي ما لديه من ثروات لكي يملأ تلك الطاسة. فسأل: قل لي أيها الدرويش، ما هو سر هذه الطاسة؟ هذه ليست طاسة عادية، لا بد أنه ثمة سحر ما فيها. فأجابه الدرويش قائلاً: نعم يا سيد، لقد فهمت الأمر بشكل صحيح. بالفعل، إنها طاسة سحرية. ولكنها طاسة كل قلب، إنها بمثابة قلب كل إنسان لا يعرف الرضى والقناعة أبداً. لو ملأته بأي شيء، بالثروة أو بالاهتمام، بالمحبة أو بالمعرفة - بكل ما يمكن، فإنه لن يمتلئ أبداً.*

في المقطع المرفق ما يساعد على المزيد من التأمل للموضوع وإن اختلفت الزاوية، بعنوان: مرض الجوع العاطفي:

*كيمياء السعادة ص 276