مصابون بالآخر
قابلت كثيراً من الشخصيات التي تعشق الكمال، فيمضي بهم العمر وهم يركضون وراء سراب، فالبحث عن الكمال ليس عيباً ولكن ما ماهية هذا الكمال الذي تبحث عنه؟ ومن زرع في رؤوسنا فكرة الكمال التي نلاحقها ونعتقد أننا أسوياء..!
في هذه الحياة لكل منا نصيبه من أفراحها وأتراحها، تحدياتها وصعوباتها، ولكن من يتخطى كل ما يمر به بإيجابية وروح تتحدى المصاعب التي تمر بها هو من ستكتمل روحه وينضج عقله، وبعضنا يقضي الكثير من السنوات وهو يحلم بكمال لا يأتي، لا هو وصل له ولا هو ارتاح، يتأرجح بين فكرة خيالية، وعندما ننظر للجوانب المشرقة في حياتنا بنظرة إيجابية سنرتاح قليلاً من اللهاث وراء أفكار ليس لها وجود في الواقع، كذلك أولئك السلبيون الذين لا يرتاحون إلا بالتركيز على سلبيات الآخرين لأنهم يعتقدون أن ذكر السلبيات هي هزيمة للآخر، وبالتالي تتم برمجته على أنه مهزوم، فلا يمكننا اكتشاف إمكاناتنا وقدراتنا في خضم فوضى التنمر، وهذا لا يعني أنني أفترض الكمال ولكني موقنة أن لكل منا سلبياته وإيجابياته، وهذا يدفعني إلى التركيز على «استغلال سلبياتنا» هي ليست فكرة فارغة بلهاء، بل لها أبعاد نفسية اجتماعية، فقد تعودنا على تبرير إخفاقاتنا لأننا سلبيون أكثر من اللازم في حياتنا، ولكن بمجرد أن تستغل سلبياتك ستتحسن نظرتك للحياة وستكون عنصراً فاعلاً ونشطاً تخدم نفسك ومن حولك، فمشكلتنا أننا ننظر لأنفسنا من خلال معايير الآخرين «والآخرون هم الجحيم»؛ كما يقول نيتشه.
لذلك لا بد أن نفهم أنفسنا من الداخل، ونحدد ماذا نريد منها حسب قدرتها، فلن تكون نفسك وأنت تستمع لنقد الآخرين وتقتنع بحكمهم عليك، الآخرون ليسوا أنت لذلك لن يتفهموا دوافعك النفسية، أيضاً هناك خلط بين مفهوم عدم استغلال قدراتنا الاستغلال الأمثل والفشل، فاستغلال قدراتنا يكون على حسب الأهمية لنا، وحسب أولوياتنا، ولكني أؤكد على أنه لا بد أن تفعل ما تستطيع فعله دون الاهتمام برأي الآخرين. كن مستقلاً وكن نفسك، وتجاوز سلبياتك باحتوائها واكتب قصتك في هذه الحياة.