آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 1:22 م

مين طفى النور

علي جعفر الشريمي * صحيفة الوطن

النور في كل مكان على أرضنا، أنوار الكهرباء تملأ البلاد، يمكنك أن تسافر إلى أغلب الدول العربية، ستجد الفرق، خاصة وأنت عائد على متن الطائرة، سترى جمال الأنوار من السماء. نحن - ولله الحمد - في بلاد منيرة منورة، لكن ذلك لا يعني أننا جميعنا نملك عقولا منيرة! فمساحات الظلمة في أدمغتنا كثيرة، وهي مرتبطة بوعينا لا بشوارعنا وبيوتنا وملاعبنا الرياضية!.

بالحديث عن ملاعبنا الرياضية وظلمتها، هل تابعتم الحوار الدائر هذه الأيام في أغلب الصحف، ووسائل التواصل الاجتماعي عن إطفاء أنوار ملعب «مرسول بارك»، الذي احتضن مباراة النصر والوحدة، في أولى جولات الدوري السعودي والتي انتهت بفوز النصر بهدف دون رد، وجاء الإطفاء فرحًا بهدف الكاميروني «أبو بكر فينسنت» لمدة 10 ثوان، في مشهد لم تعتده الملاعب السعودية.

القضية تم تصعيدها إعلاميا، مقالات، وحوارات، ومناقشات، وتجاذبات وهاشتاقات تويترية وصلت إلى الترند، تحولت بقدرة قادر إلى حوارات ساخنة بين المغردين عن فريقي النصر والهلال، مع أن المباراة بين النصر والوحدة!

المحللون الرياضيون - بعضهم - اعتبرها قضية محورية، قال أحدهم: «ما هذه الفوضى العارمة التي حصلت من إطفاء الأنوار»؟ الثاني يرد: «هذه الحركة من باب الإبداع والاحتفاء بالهدف وهي موجودة في الملاعب العالمية»، الثالث يلقي باللائمة على فريق النصر، والرابع على رابطة الدوري السعودي للمحترفين.

لا أخفيكم وأنا أتابع المشهد، شعرت لوهلة أننا بصدد قضية مصيرية تهدد سمعة الرياضة السعودية، فقط لأن أنوار الملعب أطفئت لثوان معدودة!

حاولت أن أجد مشكلة في المشكلة فلم أجد! للأسف أقولها بكل صراحة ووضوح، أن ما حصل، هذا التهويل والتضخيم المبالغ فيه، يجعلنا نقفز على مسألة إضاءة الأنوار في الملعب، إلى مسألة أخرى أهم في نظري، هي التعصب والتشدد، وإطلاق الأحكام القاسية في قضية تكاد تكون تافهة، تم تحميلها أكثر مما يطاق، وهنا يجب عدم التهاون، بحيث لا نترك المسألة تمر مرور الكرام، فما حصل من ارتدادات لهذه الحادثة يعد - في نظري - كارثة ثقافية وأخلاقية في الرياضة السعودية يجب النظر إليها بكل جدية، وإلا فستنتج الرياضة لدينا عكس ما وضعت من أجله إنسانيا ووطنيا، وستتحول إلى عوامل العصبية والتشدد وسوء الأخلاق، بدلا من تحولها لعوامل التربية والأخلاق والمحبة والإعجاب.

نحن للأسف ننظر لهذه الساحرة المستديرة، نظرة لا تتجاوز الكلاسيكو والتنافس بين فريقين نشجعهما «نصر وهلال» أو «برشلونة والريال» وشوية صراخ من المعلقين، على كم حبة هاشتاق!.

قبل أيام كنت أقرأ عن فريق البايرن ميونيخ، وكيف ساهم في مشاريع خيرية، وأكثر من ذلك ساهم وبقوة حتى في إنقاذ الفرق الأخرى المنافسة له، مثل دعمه المالي لنادي «دورتموند» الذي كان منافسا قويا له عندما كان النادي على حافة الهبوط رغم الكلاسيكو القديم بينهما. يبدو أن إطفاء الملاعب الرياضية لو حدث عندهم، لا أعتقد أنه سيكون قضية تستحق الحديث، هؤلاء تجاوزوا الحديث عن الملاعب وكرة القدم، هم يرون أنهم مؤسسة اجتماعية متكاملة.

بهذه العقلية فكروا وخططوا وتعاطوا مع الأحداث الرياضية، وعضلات أدمغتهم مسترخية وليست متشنجة.

«الروح الرياضية» العبارة التي لطالما نطنطن بها مرارًا وتكرارًا، ليست أكثر من كلمات نطلقها في الهواء الطلق، حتى إذا جاءت حادثة مثل إطفاء الأنوار، حمي الوطيس في الساحة، وذهبت أسطوانة «الروح الرياضية» في خبر كان.