آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 4:33 م

من أي أهل نحن؟

كاظم الشبيب

تنشرح صدورنا عندما نلتقي بمن نحبهم ويحبونا. وتنقبض صدورنا عندما نلتقي بمن نكرههم أو يكرهونا. فبينما نحن مبتسمون ومقبلون على الحياة في اللقاء الأول، تجدنا عابسين ومدبرين عن كل الدنيا في اللقاء الثاني. هذا حال أحد الفوارق بين الحب والكراهية في حياة الناس وعلاقاتهم. ومنها أن الالتقاء بالأحبة يخفف الهموم عن النفس، بينما الالتقاء بالكارهين يجلب للمرء الهم والغم. لذلك نجد بأن أجواء الكراهية لا تجلب إلا المزيد من الكراهية، بينما أجواء المحبة تعزز وتنشر الحب بين الناس.

من يعيشون أجواء الحب والمحبة تسود بينهم لغة ومفردات الطيب والخير واللين والرحمة وحسن الظن والمودة، بينما من يعيشون أجواء الكراهية تغلبهم لغة ومفردات الشر والخشونة والريبة، والفارق بين اللغتين، لغة الحب ولغة الكراهية، كفارق ما بين السماء والأرض في التأثير والنتائج. يقع الأمر على مستوى العلاقات بين الأفراد، وعلى مستوى العلاقات الاجتماعية بين الجماعات وأهل الهويات المختلفة. لأن اللغة سلاح سواء في الحب أو في الكراهية.

بيد أن سلاح الحب أبقى من سلاح الكراهية. وعند مواجهة الكراهية بالكراهية ترتد الكراهية على الجميع ومن ضمنهم الكاره نفسه، لأن ما يرافق الكراهية من أعراض، عند الكاره والمكروه، مؤذية للجميع مثل التوتر والقلق والتشنج، لذا يقول المثل الباسكي ”من يبصق نحو السماء ترتد البصقة عليه“ [1] . نعم سلاح الحب ظاهره الضعف مقابل سلاح الكراهية، ولكن في جوهر الأمر الحال على العكس من ذلك فالحب يتفوق، كسلوك وأثار وقيم، على الكراهية. يشرح الفيلسوف الصيني ”لاوتسيو“ المولود في القرن السادس قبل الميلاد فكرة تفوق الأضعف على الأقوى باللجوء إلى مجاز الماء فيقول ”لا شيء في العالم أكثر ليونة وضعفاً من الماء، لكن لا شيء يخدشه مهما كان قاسياً أو قوياً“. [2] 

ومن الفوارق أن من يتذوق لذة الحب يهيم في عالم من اللذة مختلف عمن يتجرع ألم الكراهية، إذ يبلغ بهما الحال إلى مستوى يغيب فيه كلاهما عن الواقع، فالمحب أعمى عن رؤية نواقص وعيوب حبيبه، والكاره أعمى عن مشاهدة حسنات وإيجابيات من يكره. وكما يقول إيبا عزرا وهو أحد أنبياء بني إسرائيل «480-440 ق. م» ”الحب يلهينا عن الاخطاء، أما الكراهية فتعمينا عن الحقائق“ [3]  فهل نحن من أهل المحبة أم من أهل الكراهية؟. في المقطع المرفق نظرة مفيدة من زاوية مكملة للموضوع: أربع فروقات بين الحب الحقيقي والوهمي، حسب علم النفس:

[1] [3] حكم نت

[2]  في السعادة، رحلة فلسفية، ص 190