آخر تحديث: 21 / 12 / 2024م - 5:28 م

فاجرة أم طاهرة..؟

وسيمة عبيدي * صحيفة اليوم

نعود هذا الأسبوع لنستعرض مشكلة اجتماعية ومعضلة أخلاقية جديدة نحاول من خلالها وضع أنفسنا أمام اختبارات أخلاقية صعبة والقيام ببعض العصف الذهني والإنساني معاً. من المهم جداً في سلسلتنا هذه للمسائل الأخلاقية أن نضع أنفسنا مكان أبطال القصص وأن نعيش الأدوار بكل مشاعرها المعقدة ونواجه ذواتنا بصدق إذا أردنا معرفة أنفسنا على حقيقتها. أي حكم أو إجابة ستقررها عزيزي القارئ، ستصب في مصلحتك الشخصية، وستكون خطوة في اتجاه معرفة أكثر لذاتك ولتفكيرك وقناعاتك ومن ثم تعليمها وتهذيبها وتغيير بعض الأفكار والقناعات حتى ترتقي لمرحلة أسمى عاطفياً وأخلاقياً.

هذا الأسبوع ستكون عزيزي القارئ جاراً لأسرة لديها فتاة جميلة ومتعلمة لكنها ضلت السبيل واتبعت أهواءها وهي في سن المراهقة. تلك السن التي يتخبط فيها أغلب البشر. تعرفت الفتاة على بعض الشباب وكانت تخرج مع شاب مختلف ما بين فترة وأخرى وأنت ترى ذلك لكنك لا تعرف الفتاة ولا تفاصيل حياتها ولا طبيعة علاقاتها وليست لديك أي فكرة عن سبب خروجها مع أولئك الشباب.

يفكر زميل لك وهو شاب متزن ومن عائلة محترمة التقدم لخطبتها وهو يعلم أنكم جيران فيقصدك ليسأل عنها وعن أخلاقها كما هو المتعارف عليه في المجتمعات العربية. تقف أنت بينك وبين نفسك حائراً، هل تخبره بأن الفتاة كانت تعرف بعض الشباب وتخرج معهم وتقرر تدمير سمعة الفتاة وتلطيخ شرفها وتجعل الشاب يتراجع عن قرار الخطبة حتى إن لم تكن تعرف السبب الحقيقي وراء خروجها في تلك المشاوير؟ أو ستستر عليها وتخبره بأنها طاهرة مما سيؤدي لأن يتزوجها زميلك الشاب المتزن، الذي تَكُنُّ له الكثير من المعزة والاحترام، والذي قد يكتشف لاحقاً أنها كانت لعوباً؟

ربما تقرر أن تخبره بالحقيقة، لكن ألا يخالف ذلك ما أمرنا به ديننا الحنيف وما جاء في معنى الحديث الشريف: «مَن ستر على مسلم ستر الله عليه يوم القيامة»، قد تفكر وتقول إنها هي مَن فضحت نفسها بخروجها مع الشباب، لكن ماذا لو اكتشفت لاحقاً أنها قابلة، أي مساعدة طبية ينحصر عملها في مراقبة المرأة الحامل وتوليدها، وأن خروجها مع أولئك الشباب كان للكشف على أو توليد زوجاتهم أو أخواتهم أو بناتهم؟

ربما سيكون ردك أنني أخبرتك في بداية المقال أنها ضلت السبيل واتبعت أهواءها، ولذلك أنت أيقنت أنها فاجرة! لكن ماذا لو كنت أكذب عليك؟ وحتى لو لم أكن أكذب عليك، أليس من المحتمل أن تتوب تلك الفاجرة والتوابون أحباب الله؟ ألم يقل سبحانه في كتابه الكريم: «إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين»؟ أليس كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون؟ قد تكون إجابتك كجار سهلة لكن ماذا لو كنت والد الفتاة أو أخاها؟ ماذا سيكون ردك؟ أهي طاهرة أم فاجرة؟