من منغصات صلاة الجماعة!
التَّالي ليس رأيًا فقهيًّا، إنما ملاحظات شخصيَّة، وللرأي الفقهيّ محله وأهل اختصاصه. المنغصات كثيرة وتتكرر، تقريبًا كل صلاة جماعة في أغلب مساجدنا، إن لم يكن في كلها، وقد يجد القارئ الكريم منغصات غير التي سوف أسردها.
الأولى: إن الله مع الصابرين! قلب الإمام والمصلين ليس دفترًا! الإمام والمصلين يحتاجون كلّ نقطة وقطرة تركيز، تكرار الجملة السابقة من عدة ملتحقين متأخرين تفقد الإمامَ والمصلين تركيزهم وتشتت أفكارهم. للالتحاقِ بصلاة الجماعة صور وطرق مذكورة في الرسائل الفقهية للعلماء، ذلك أفضل من ترديد: إنّ الله مع الصابرين. تواجد المصلي دقيقة أو أكثر بقليل قبل إقامة صلاة الجماعة يكفيه مؤونة كل ذلك.
الثَّانية: صوتي ينافس صوتَ الإمام أو يعلوه! الإمام قائد الجماعة، لا يسبقه فعل ولا يعلو فوق صوته صوت. الصمت في المسجد، خصوصًا عند اصطفاف الصفوف له قيمة عظمى.
الثَّالثة: كلنا يملك هاتفًا محمولًا! يمكن وضع الصوت مخفوضًا أو إغلاق الهاتف، ذلك أسلم من الإحراج وتشتيت انتباه المصلين، كذلك أصوات تنبيهات التطبيقات والأذان الصوتيّ.
تبيان: لم أناقش حلية أو حرمة هذه المنغصات، إنما جمال صلاة الجماعة ومظهرها الحضاري، بالإضافة إلى استحبابها وكثرة ثوابها، في النظام والانتظام والهدوء الروحاني الذي يدوم ما دامت الصلاة معراجًا للمؤمن. المنغصات تكدر صفو الذهن فلا يعد قادرًا على العروج والإرتقاء.
الأوّل: الحمد لله أن شباننا وشاباتنا لم تشغلهم الحياة عن هذه الفريضة، دقائق يتشرف فيها العبد بلقاء السيّد والمملوك بالمالك!
الثَّاني: أحببتُ أن أقرب معنى أهمية الوقت في الصلاة لحفيدي الذي يصلي الصبح والظهر والعصر في وقت المغرب! مشغول باللهو واللعب وآخر الأشياء على قائمة مهماته الصلاة! قلت له: هل يعطيكم الاستاذ واجباتٍ منزلية؟ قال: نعم، بكل تأكيد! هل يضع لها قيودًا زمنية؟ قال: نعم، وينقص درجات بسبب التأخير في أداء الواجب أو يرفضه تمامًا ويحرمنا من الدرجة كاملة! قلت: أتَظن أن الله يعطيك ذات الأجر والجزاء إذا أنتَ لم تحترم الوقت في الصلاة؟!
الثَّالث: أتعجب كثيرًا حين يصطف الغربيون وغيرهم في طوابير لساعاتٍ طويلة، من أجل شراء إصدار نسخة جديدة من هاتف أو حذاء رياضي يحمل اسم أحد المشاهير، يدفعون الثمن دون تخفيض لأنهم حصلوا على ذلك المنتج قبل غيرهم. وهم غير مستعدين أن يقتَطعوا دقائق من وقتهم، يقولوا فيها: شكرًا يا ربّ!
لنا ربّ كريم يريدنا أن نقابله في أول الصباح، في منتصف النَّهار، وفي أول الليل، دقائق يذكرنا فيها بنعمِه، ويعطينا الأجر على هذه المقابلة. من أكثر رحمةً من إلهنا؟ من أكثر حبًّا لنا من إلهنا؟