غياب الجمهور الثقافي إلى متى..؟!
التغير الاجتماعي والثقافي الذي نعيشه الآن ونلمسه والوعي المترتب عليه ستظهر آثارهما لاحقاً، ولكن السؤال الذي يدور في ذهني وذهن كثير من المثقفين والمبدعين ومحبي الثقافة ومريديها، أين جمهور الثقافة والإبداع؟ الملاحظ انصراف الجمهور عن النشاطات والمحافل الثقافية والفكرية، وغالباً ما تكون قاعة المحاضرة أو النشاط الثقافي فارغة إلا من أصدقاء أو مجاملين أو من تمت دعوتهم شخصياً.
والواقع أنه ليس بسبب تكرار المحتوى كما يردد البعض، بل لأن هناك حالة عامة من الابتعاد الثقافي، وربما ارتباطها بمرحلة معينة وكثرة الخيارات الآن، ولكن من دون دراسة هذه الظاهرة التي أضحت واضحة ومزعجة وكأن هذه اللقاءات خلقت للمبدعين والمثقفين وأصدقائهم فقط في حين الثقافة مهمة لكل فرد في المجتمع، وهي تشمل جميع شؤون الحياة، فالمثقف مرتبط مصيره ورأيه بالتحولات التي تحدث، فكل شيء مرتبط ببعضه، لذلك عادة ما تخلف الأزمات والتحولات في أي مجتمع وراءها الكثير من الخير وشرور طبيعية تحصل هنا وهناك، وهذا يتبعه تغير في القيم والمعارف والأهم غربلة الفعل الإنساني، وهنا يأتي دور المثقف لتشريع الأفكار وربطها بالواقع وبيان أهمية أي حدث اجتماعي أو ثقافي، لذلك غياب الجمهور يحمل دلالات كثيرة تتمثل ببعض الأسئلة منها: هل ثقافتنا ثقافة ترفيه فقط؟ لا نستطيع أن ننكر أن الترفيه حاجة إنسانية ومطلب في كل المجتمعات، ولكن في ظل غياب ثقافة الفكر والوعي وجمهورها الثقافي، كيف لنا نصنع أن هذا الجمهور؟ وهل بالضرورة أن يكون لها جمهور؟ وهل هذا بسبب غياب استراتيجية للعمل الثقافي؟ وهل مسؤولية المثقف أن يخلق له جمهوراً؟ الحقيقة أن الإعلام له دور والمدرسة والجامعة كذلك، وهذا يكون عملاً تراكمياً يبنى في سنوات فيخلق حركة ثقافية مستدامة.
ولكن السؤال الذي يبقى حائراً حتى الآن: هل غياب الجمهور عن النشاطات الثقافية وقطيعته لها قد يكون بسبب انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والذي سهل الوصول للمعلومة بشتى أنواعها فلم يعد هناك حاجة لحضور تلك الأنشطة؟ وهل أصبحت الثقافة منتجاً يشارك به ويصنعه الجميع؟