آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 12:34 ص

المحبة عبادة والعيد من أبوابها

كاظم الشبيب

يفترض كثير من العارفين والعلماء والفلاسفة بأن أهم مهام العبادات المستمرة أنها تغسل النفس والروح مما يعلق بهما من درن أهواء الذات وعوالق النظرة المادية للدنيا لتكون على الدوام مهيأة لصفاء علاقة الفرد بخالقه. ومن علل يوم عرفة وفلسفتها هو الاعتراف بأنواعه ومعرفة الله. أي أن عظمة هذا اليوم تستهدف تعميق علاقة الحب بالله سبحانه وتعالى. فجميع أنواع العبادات، في كل الديانات محور مدلولاتها هو تعميق محبة الخالق، وبالتالي تعميق محبة الناس والخلق. هذا العمق هو بعد خاص بكل فرد يعيشه بنفسه لا بغيره. لأن معرفتنا ”بالله“ هي، كما يقول الهنود والمتصوفون الإسلاميون، حالةُ تعاش عند صاحبها ويصعب التعبير عنها، ولكنه لا يستحيل تماماً. [1] 

بناء على ما سبق فإن العبادات، بما فيها الأعياد، وفي كل الأديان، من المفترض أنها تساهم في تعميق المحبة بين الناس، ليس داخل أهل كل هوية وبين أفراد الهوية الواحدة، بل تبعث على المحبة بين أهل الهويات المختلفة. أما إذا ساهمت العبادات في خلق التباعد بين الناس فعلى المتعبدين بها إعادة النظر في عبادتهم وتصحيحها لتصب في صناعة المحبة بين الناس. ناهيك عن الانصراف عن العبادات التي تخلق الكراهية وتشجع عليها. 

 تساعد بعض المجتمعات، من خلال الجهل والانصياع الأعمى، على تحويل العبادات إلى أدوات لصناعة الكراهية بدلاً من كونها وسائل لزراعة الحب. يحدث ذلك عندما يُكرهنا المجتمع على أن نكون عدائيين، حيث يقاتل كل إنسان من اجل نفسه، فهو يريد منصباً وسلطة ومكانة، وينصب قلقه على نفسه رغم أنه قد يكون مهتماً جزئياً بالعائلة والمجموعة البشرية والأمة التي يحيا فيها، ولكن اهتمامه الرئيسي منصب على نفسه، وهو يضع نفسه في المقام الأول على الدوام. لذلك يكون المجتمع الذي نحيا فيه أحد الأسباب المغذية للعنف من خلال السلوك المحبذ فيه، ولا شك أنك تسمع كثيراً من يقول لك إذا لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب. [2]  بينما العيد هو باب من أبواب إشاعة المحبة بين كل الناس. وفي المقطع المرفق إفادة في ذات الصدد بعنوان عندما يكون الحب عبادة:   

مع خالص تحياتي

 

[1]  الدين والجمال، ص 19، د. أنور أبي خزام

[2]  لا تصدق الكذبة، كريشنا مورتي، ص 128