آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 7:41 م

حب الدين وكراهية الأديان «4/1»

كاظم الشبيب

من المواضيع الشائكة في مناقشة الحب والكراهية للهويات، أن نبحث ونناقش موضوع حب الهوية الدينية ومقابلتها بحب أو كراهية الهويات الدينية الأخرى. فكل إنسان يحب دينه، وهو حب مقدس عند أغلب المتدينين في العالم، حيث تغلب العاطفة وتنهزم الموضوعية، ولا ينحصر الحال على المتدينين المسلمين، بل ينطبق الحال على جل المتدينين من مسيحيين ويهود وبوذيين، وغيرهم. فمن الوجوه الشائكة حالة التناقض بين ما يدعيه الناس من حب للهويات الدينية الأخرى وما يقومون به من كراهيات ضدها. 

فبينما الكل يدعي عدم كراهيته للأديان والمذاهب المختلفة عنه، إلا أن حبه المقدس لدينه ومذهبه يجعله على استعداد لتقبل ما يقال أو يُزعم ضد الأديان والمذاهب الأخرى. بل ربما يستحضر من التاريخ شواهد ليؤكد تلك المزاعم، ولعله يُجير بعض نصوص التراث كقرائن على صحة ما قيل في غيره. بيد أنه ربما يستميت للدفاع عن مذهبه أو دينه سواءً كان على حق أو غير حق. لأن المؤمن ينتصر لدينه تماماً كما تنتصر الأم لابنها حتى ولو كان مخطئاً. وكما يجب أن لا نلوم هذه الام كذلك يجب أن لا نلوم هذا المتدين لأنه لا يستطيع أن ينظر إلى موضوع حبه نظرة مجردة عن العاطفة. لذلك فانتصاره لدينه هو جزء من عملية توازنه النفسي، وسبب لبلوغه إلى راحة الضمير. [1] 

حب هذه الهوية وأهلها، أو كراهية تلك الهوية وأهلها، لا سيما الهويات الدينية، هي من أشد أنواع وحالات الحب والكراهية حيث تتجسد فيها العصبية والعصبوية بكل أشكالها وتفاصيلها، فهي تجري تحت مظلة التقديس والقداسة، فالمدعي يرى نفسه مقدس، والمدعى عليه يرى نفسه مقدس أيضاً، والأدهى اختلاط الأمر حيث يمسي موقف المتدينين هو موقف الدين، لأن العقيدة الدينية هي بمثابة هوية لأصحابها. وكل انتقاد لها هو سير في اتجاه الصدام وإلغاء الآخر. [2] 

الإفراط في الحب والكراهية يجعل المرء أعمى لا يرى ما وراء حبه أو أثار كراهيته. فليس فقط من أحب شيء أعماه كما جاء في التراث، بل من كره شيء أعماه أيضاً. بيد أننا ينبغي أن نقدم الحب على الكراهية لا العكس، كما نقدم طهارة الأشياء وحليتها على نجاستها وحرمتها حيث الأصل الطهارة والحلية. 

نجد في المقطع المرفق، بتحفظ، إثارة مفادها: ”ليس كل ما قد نقتنع به اليوم عن هوياتنا من تبجيل وتقدير ورفعة جله صحيح“، وهو رأي يحتاج إلى تمحيص بعنوان: التيار التوراتي الاستشراقي لفق هويات وهمية للمجتمعات العربية: 

 

[1] [2]  بالتوالي: الدين والجمال، ص 65-66، وص 28، د. أنور أبي خزام.