آخر تحديث: 26 / 4 / 2024م - 9:08 م

حقوق الإنسان وتناول الدراسات لها

أمير بوخمسين

تتصاعد الانتهاكات لحقوق الإنسان العربي، فيكون لها أثر سلبي في الاستقرار السياسي والاجتماعي والحضاري، ولذلك فالحديث عن حقوق الإنسان ليس ترفًا سواءً من خلال التأليف، أو كتابة المقال، أو حوار في برنامج تلفزيوني.

إنه حديث عن المبادئ والأطر التي تحفظ حياة الإنسان، وتصون كرامته، وتحترم آدميته، وتفتح له الطريق للإبداع الخلاّق، وتدفعه للتقدم إلى الأمام. إنه حديث عن العدالة الاجتماعية التي هي الأساس والضامن لتلك الحقوق، ولا شك في أن حقوق الإنسان تعدّ أحد أهم معايير الرقي والتقدم الاجتماعي، وتتجلّى ضرورة تلك الحقوق وأهميتها من خلال موقعها بالنسبة إلى حياة الإنسان وكرامته وطاقاته الإبداعية، إذ بإيفائها تطيب له الحياة، وبحرمانه منها أو هدرها تضيق به الأرض، ويمسي مهضومًا مهانًا، وتتكبل طاقات الخلق والإبداع لديه.

إن تجريد الإنسان من حقوقه - أو خرقها أو انتهاكها أو هدرها - هو تنكر للكرامة التي كرمّه الله تعالى بها وشرّفه.

وانطلاقًا من أهمية موضوع حقوق الإنسان، فقد راودتني فكرة الكتابة فيه، وآثرت أن أتناول موضوع حقوق الإنسان بشكل يختلف نسبيا عمّا كتب، مستهدفًا تلافي التكرار.

لقد وجدت من خلال مطالعاتي للكتابات والدراسات التي بحثت في هذا الموضوع، أنها تتناول جانبين:

الأول: الجانب النقدي، حيث توجد الكثير من الكتب في المكتبة العربية التي تتناول هذا الجانب، فعلى سبيل المثال، كتب الكثير من النقد للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهدين الدوليين، والاتفاقيات الصادرة بهذا الخصوص. ولكن تلك الكتابات لم تعطِ البديل لهذه المبادئ والمفاهيم، واكتفت بإشهار السيف في مواجهة الإعلان وملحقاته، مبررة ذلك بأنه لا يخدم الأمة العربية والإسلامية، وإنما الغرب المستعمر، وأنه يحوي الكثير من الاختلافات التي تتناقض مع المفاهيم الإسلامية.

وبالرغم من مقولة إن الدول الكبرى تستخدم شعار حقوق الإنسان للتدخل في شؤون الدول الأخرى، وبالرغم من الملاحظات والمؤاخذات على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، إلا أن الإعلان في مجمله لا يتعارض مع مبادئ الدين، وإن مواجهته ليست في صالح مجتمعاتنا وتطورها وتنميتها، ذلك لأن الإشكالية التي تطرح ليست حول جوهر تلك الحقوق، وإنما على هامشها. الاختلاف حاصل في بعض الخصوصيات والتفاصيل التي قد تنطبق على بعض المجتمعات لا تناسب الأخرى، وذلك راجع إلى طبيعة كل مجتمع وثقافته وتراثه، مع العلم أن الإعلان العالمي - كإطار حقوقي دولي عام - ليس نهاية المطاف في مجال حقوق الإنسان، وبالتالي فهو ليس ببعيد عن دائرة النقص والنقد والمؤاخذات.

الثاني: الجانب التوثيقي، وهو رصد وترجمة المواثيق والاتفاقيات الدولية والمعاهدات الصادرة عن الأمم المتحدة والتكتلات الإقليمية. لقد أنشئت في السنوات الأخيرة مراكز ومعاهد عربية لحقوق الإنسان، بعضها في المهجر، وقد قامت بمهمة عظيمة في التوثيق والترجمة، وأصدرت مجموعة من الكتب والأبحاث التي احتوت على الكثير من التفاصيل عن هذه المعاهدات والمواثيق الدولية، مما ساعد على توعية المواطن العربي بحقوق الإنسان وتوسيع آفاقه.