آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

هل الحب هو تاريخك الشخصي أم الكراهية؟

كاظم الشبيب

في صفحات تاريخ كل واحد منا مسيرة من التجارب مرتبطة بالحب أو مرتبطة بالكراهية، تمتد منذ طفولته حتى لحظته الراهنة. ربما قد أحب وربما قد كره. ولا شك بأنه كان محبوباً، وربما كان مكروهاً. فبداياتنا تتشكل مع الولادة بالحب العفوي والفطري المتبادل بيننا ووالدينا، لا وجود حينها لبدايات الكراهية. بيد أن عوامل كثيرة قد تساهم في بناء صور من الكراهية في أنفسنا لا سيما عامل البيئة التي عشناها بكل عناصرها. كذلك المجتمعات والجماعات داخل كل أهل هوية، هناك تاريخ للحب وتاريخ للكراهية. وهكذا يتشكل التاريخ وما أدرانا ما التاريخ.

 إن للحب تاريخ، كما أن للكراهية تاريخ. وربما يظن بعضنا بأن تاريخ البشر عندما ينقل صور الحروب والغزوات والصراعات بين الممالك والأمم، قد يظن بأن جل التاريخ لا حب فيه، لأنه يقوم على الكره والكراهية والعداوات المستفحلة. نعم هذا الوجه هو الجانب الوحشي والساطع من التاريخ، لكنه لا يعني عدم وجود وجه لامع ثاني وهو تاريخ الحب والسلام للنفس البشرية، وتاريخ المحبة والتسالم بين الناس.

 ما دامت تكمن في النفس الإنسانية كفتي الخير والشر، فهناك على الدوام تاريخ للمحبة كما أن هناك تاريخ للكراهية. يقول الكاتب والمتحدث الهندي ”كريشنا موتي“: لم تأتي الكراهية من تلقاء نفسها، فهي نتيجة الجهل البشري وعملية تاريخية متواصلة. لقد تعاونا كأفراد مع أسلافنا الذين بدئوا عملية الكراهية والخوف والجشع وما إلى ذلك، والآن نشارك كأفراد في عالم الكراهية هذا، وكل واحد منا منغمس فيه بشكل فردي... فالعالم هو امتداد لنفسك، إذا رغبت بإنهاء الكراهية، فعليك التوقف عنها والنأي بنفسك عنها بجميع صورها الظاهرة والخفية، أما إذا بقيت عالقاً بها فأنت جزء من عالم الجهل والخوف.*

مهمة العودة لفطرة الحب ليست مستحيلة على الإنسان، ولكنها أيضاً ليست عملية سهلة، ولكنها ممكنة. هي بحاجة إلى أن تستيقظ أرواحنا بمعرفة أنفسنا، هل هي في مسار المحبة للناس، كل الناس، أم هي قائمة على فلترة الناس ووضعهم في قوائم للحب وأخرى للكراهية. حينها يحدد كل واحد منا حجم الحب الفطري في نفسه، ليعلم بعدها كم كان حجم الكراهية في تاريخه. في المقطع المرفق إفادة متناسبة مع الموضوع من زاوية جميلة: الحقد والكراهية:

* لا تصدق الكذبة، كريشنا مورتي، ص 62-63، بتصرف.